للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِمْ فَوَلَّوْا هُنَالِكَ هَارِبِينَ، وَتَوَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ فَأُسَرَ مَنْ أُسِرَ مِنْ رُءُوسِهِمْ وَنَادَى أَنْ لَا يُتْبَعَ مُدْبِرٌ وَلَا يُذَفَّفَ عَلَى جَرِيحٍ، ثُمَّ أَطْلَقَ مَنْ وَقَعَ فِي أَسْرِهِ وَسَارَ عَلَى الْفَوْرِ إِلَى حَلَبَ وَقَدِ انْعَكَسَ عَلَيْهِمُ الْحَالُ، وَآلَوْا إِلَى شَرِّ مَآلٍ ; فَبِالْأَمْسِ كَانَ يَطْلُبُ مِنْهُمُ الْمُصَالَحَةَ وَالْمُسَالَمَةَ، وَهُمُ الْيَوْمَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُمْ وَيَرْجِعَ، عَلَى أَنَّ الْمَعَرَّةَ وَكَفْرَطَابَ وَبَارَيْنَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ أَرَاضِي حَمَاةَ وَحِمْصَ وَبَعْلَبَكَّ مَعَ دِمَشْقَ فَقَبِلَ ذَلِكَ، وَكَفَّ عَنْهُمْ، وَحَلَفَ عَلَى أَنْ لَا يَغْزُوَ بَعْدَهَا الْمَلِكَ الصَّالِحَ، وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ عَلَى سَائِرِ مَنَابِرِ بِلَادِهِ، وَشَفَعَ فِي بَنِي الدَّايَةِ أَخُوهُ مَجْدُ الدِّينِ أَنْ يُخْرَجُوا مِنَ السِّجْنِ، فَفُعِلَ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا مُسَلَّمًا مَحْبُورًا.

فَلَمَّا كَانَ بِحَمَاةَ وَصَلَتْ إِلَيْهِ رُسُلُ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَمَعَهُمُ الْخِلَعُ السَّنِيَّةُ وَالتَّشْرِيفَاتُ الْعَبَّاسِيَّةُ وَالْأَعْلَامُ السُّودُ وَتَوْقِيعٌ مِنَ الدِّيوَانِ بِالسَّلْطَنَةِ بِبِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ، وَأُفِيضَتِ الْخِلَعُ عَلَى أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَصْهَارِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَنْصَارِهِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا وَاسْتَنَابَ عَلَى حَمَاةَ ابْنَ خَالِهِ وَصِهْرَهُ الْأَمِيرَ شِهَابَ الدِّينِ مَحْمُودًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى حِمْصَ فَأَطْلَقَهَا إِلَى ابْنِ عَمِّهِ نَاصِرِ الدِّينِ، كَمَا كَانَتْ مِنْ قَبْلِهِ لِأَبِيهِ شِيرَكُوهْ أَسَدِ الدِّينِ، ثُمَّ إِلَى بَعْلَبَكَّ ثُمَّ إِلَى الْبِقَاعِ وَرَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ رَجُلٌ مِنْ قَرْيَةِ مَشْغَرَا مِنْ مُعَامَلَةِ دِمَشْقَ وَكَانَ مَغْرِبِيًّا فَادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَأَظْهَرَ شَيْئًا مِنَ الْمَخَارِيقِ وَالْمَخَايِيلِ وَالشَّعْبَذَةِ وَالْأَبْوَابِ النِّيرِنْجِيَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>