للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهَا إِلَّا كُلُّ نَاقِدٍ بَصِيرٍ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ ضَرِيرٌ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَشَاطِبَةُ بَلَدُهُ قَرْيَةٌ شَرْقِيَّ الْأَنْدَلُسِ كَانَ فَقِيرًا، وَقَدْ أُرِيدَ أَنْ يَلِيَ خَطَابَةَ بَلَدِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَجْلِ مُبَالَغَةِ الْخُطَبَاءِ عَلَى الْمَنَابِرِ فِي وَصْفِ الْمُلُوكِ.

خَرَجَ الشَّاطِبِيُّ إِلَى الْحَجِّ، فَقَدِمَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ عَلَى السِّلَفِيِّ الْحَافِظِ، وَوَلَّاهُ الْقَاضِي الْفَاضِلُ مَشْيَخَةَ الْإِقْرَاءِ بِمَدْرَسَتِهِ، وَزَارَ الْقُدْسَ الشَّرِيفَ وَصَامَ بِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَةِ فَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ بِالْقُرْبِ مِنَ التُّرْبَةِ الْفَاضِلِيَّةِ، وَكَانَ دَيِّنًا خَاشِعًا نَاسِكًا كَثِيرَ الْوَقَارِ، لَا يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَكَانَ يَتَمَثَّلُ كَثِيرًا بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ، وَهِيَ لُغْزٌ فِي النَّعْشِ، وَهِيَ لِغَيْرِهِ:

أَتَعْرِفُ شَيْئًا فِي السَّمَاءِ يَطِيرُ ... إِذَا سَارَ صَاحَ النَّاسُ حَيْثُ يَسِيرُ

فَتَلْقَاهُ مَرْكُوبًا وَتَلْقَاهُ رَاكِبًا ... وَكُلُّ أَمِيرٍ يَعْتَلِيهِ أَسِيرُ

يَحُثُّ عَلَى التَّقْوَى وَيُكْرَهُ قُرْبُهُ ... وَتَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ وَهْوَ نَذِيرُ

وَلَمْ يَسْتَزِرْ عَنْ رَغْبَةٍ فِي زِيَارَةٍ ... وَلَكِنْ عَلَى رَغْمِ الْمَزُورِ يَزُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>