للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَّبَ بِلَادًا كَثِيرَةً مُتَاخِمَةً لِبِلَادِ كَشْلَى خَانْ ; خَوْفًا عَلَيْهَا أَنْ يَمْلِكَهَا، ثُمَّ إِنَّ جِنْكِزْخَانْ خَرَجَ عَلَى كَشْلَى خَانْ، فَاشْتَغَلَ بِمُحَارَبَتِهِ عَنْ مُحَارَبَةِ خُوَارِزْمِ شَاهْ، ثُمَّ وَقَعَ مِنَ الْأُمُورِ الْغَرِيبَةِ مَا سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَفِيهَا كَثُرَتْ غَارَاتُ الْفِرِنْجِ مِنْ طَرَابُلُسَ عَلَى نَوَاحِي حِمْصَ فَضَعُفَ صَاحِبُهَا أَسَدُ الدِّينِ شِيرَكُوهْ عَنْ مُقَاوَمَتِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الظَّاهِرُ صَاحِبُ حَلَبَ عَسْكَرًا قَوَّاهُ بِهِمْ عَلَى الْفِرِنْجِ.

وَخَرَجَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي الْعَسَاكِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَأَرْسَلَ إِلَى جُيُوشِ الْجَزِيرَةِ الْعُمَرِيَّةِ فَوَافَوْهُ عَلَى عَكَّا فَحَاصَرَهَا ; لِأَنَّ الْقَبَارِسَةَ كَانُوا قَدْ أَخَذُوا مِنْ أُسْطُولِ الْمُسْلِمِينَ قِطَعًا فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَطَلَبَ صَاحِبُ عَكَّا الْأَمَانَ وَالصُّلْحَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْأُسَارَى، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَسَارَ الْعَادِلُ فَنَزَلَ عَلَى بُحَيْرَةِ قَدَسَ قَرِيبًا مِنْ حِمْصَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى بِلَادِ طَرَابُلُسَ فَأَقَامَ بِهَا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ وَيَغْنَمُ، وَخَرَّبَ تِلْكَ الْبُلْدَانَ الْأَطْرَابُلُسِيَّةَ، حَتَّى جَنَحَ الْفِرِنْجُ إِلَى الْمُهَادَنَةِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا مَسْرُورًا مَحْبُورًا.

وَفِيهَا مَلَكَ صَاحِبُ أَذْرَبِيجَانَ وَهُوَ الْأَمِيرُ نُصْرَةُ الدِّينِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَهْلَوَانِ مَدِينَةَ مَرَاغَةَ ; وَذَلِكَ لِخُلُوِّهَا عَنْ مَلِكٍ قَاهِرٍ، فَإِنَّ مَلِكَهَا مَاتَ، وَقَامَ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدٌ لَهُ صَغِيرٌ، فَدَبَّرَ أَمْرَهُ خَادِمٌ لَهُ.

وَفِي غُرَّةِ ذِي الْقَعْدَةِ شَهِدَ مُحْيِي الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْجَوْزِيِّ عِنْدَ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الدَّامَغَانِيِّ، فَقَبِلَهُ وَوَلَّاهُ حِسْبَةَ جَانِبَيْ بَغْدَادَ وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةً سَنِيَّةً سَوْدَاءَ بِطَرْحَةٍ كُحْلِيَّةٍ، وَبَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>