للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَيَّعْتُ زَمَانِي كُلَّهُ فِي لَعِبٍ ... يَا عُمْرُ هَلْ بَعْدَكَ عُمْرٌ ثَانِي

وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ:

كُنْتُ مِنْ ذَنْبِي عَلَى وَجَلِ ... زَالَ عَنِّي ذَلِكَ الْوَجَلُ

أَمِنَتْ نَفْسِي بَوَائِقَهَا ... عِشْتُ لَمَّا مِتُّ يَا رَجُلُ

رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعَفَا عَنْهُ.

جَلَالُ الدِّينِ تِكِشٌ

وَقِيلَ: مَحْمُودُ بْنُ عَلَاءِ الدِّينِ خُوَارَزْمِ شَاهْ مُحَمَّدِ بْنِ تِكِشٍ الْخُوَارَزْمِيُّ، وَهُمْ مِنْ سُلَالَةِ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَتِكِشٌ جَدُّهُمْ هُوَ الَّذِي أَزَالَ دَوْلَةَ السَلْجُوقِيَّةِ. كَانَتِ التَّتَارُ قَهَرُوا أَبَاهُ حَتَّى شَرَّدُوهُ فِي الْبِلَادِ، فَمَاتَ بِبَعْضِ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، ثُمَّ سَاقُوا وَرَاءَ جَلَالِ الدِّينِ هَذَا حَتَّى مَزَّقُوا عَسَاكِرَهُ شَذَرَ مَذَرَ، وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ أَيْدِي سَبَا، وَانْفَرَدَ هُوَ وَحْدَهُ، فَلَقِيَهُ فَلَّاحٌ مِنْ قَرْيَةٍ بِأَرْضِ مَيَّافَارِقِينَ، فَأَنْكَرَهُ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالذَّهَبِ، وَعَلَى فَرَسِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مَلِكُ الْخُوَارَزْمِيَّةِ. وَكَانُوا قَدْ قَتَلُوا لِلْفَلَّاحِ أَخًا، فَأَنْزَلَهُ وَأَظْهَرَ إِكْرَامَهُ، فَلَمَّا نَامَ قَتَلَهُ بِفَأْسٍ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَأَخَذَ مَا عَلَيْهِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى شِهَابِ الدِّينِ غَازِيِّ بْنِ الْعَادِلِ، صَاحِبِ مَيَّافَارِقِينَ فَاسْتَدْعَى بِالْفَلَّاحِ، فَأَخَذَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْحُلِيِّ، وَأَخَذَ الْفَرَسَ أَيْضًا، وَكَانَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ يَقُولُ: هُوَ سَدٌّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ التَّتَارِ، كَمَا أَنَّ السَّدَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>