للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: {الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} [الكهف: ٤٤] وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} [الكهف: ٤٤] وَهُوَ حَسَنٌ أَيْضًا، كَقَوْلِهِ: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [الفرقان: ٢٦] . فَالْحُكْمُ الَّذِي لَا يُرَدُّ وَلَا يُمَانَعُ وَلَا يُغَالَبُ - فِي تِلْكَ الْحَالِ وَفِي كُلِّ حَالٍ - لِلَّهِ الْحَقِّ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَفَعَ (الْحَقِّ) جَعَلَهُ صِفَةً لِ (الْوِلَايَةَ) وَهُمَا مُتَلَازِمَتَانِ. وَقَوْلُهُ: {هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف: ٤٤] أَيْ: مُعَامَلَتُهُ خَيْرٌ لِصَاحِبِهَا ثَوَابًا، وَهُوَ الْجَزَاءُ، وَخَيْرٌ عُقْبًا ; وَهُوَ الْعَاقِبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَهَذِهِ الْقِصَّةُ تَضَمَّنَتْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرْكَنَ إِلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا يَغْتَرَّ بِهَا، وَلَا يَثِقَ بِهَا، بَلْ يَجْعَلَ طَاعَةَ اللَّهِ وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ نُصْبَ عَيْنَيْهِ، وَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ. وَفِيهَا أَنَّ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِهِ، عُذِّبَ بِهِ، وَرُبَّمَا سُلِبَ مِنْهُ ; مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. وَفِيهَا أَنَّ الْوَاجِبَ قَبُولُ نَصِيحَةِ الْأَخِ الْمُشْفِقِ، وَأَنَّ مُخَالَفَتَهُ وَبَالٌ وَدَمَارٌ عَلَى مَنْ رَدَّ النَّصِيحَةَ الصَّحِيحَةَ. وَفِيهَا، أَنَّ النَّدَامَةَ لَا تَنْفَعُ إِذَا حَانَ الْقَدَرُ، وَنَفَذَ الْأَمْرُ الْحَتْمُ. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>