للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَقَطَتْ مِنْهُ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ لِذَلِكَ. قَالَ: وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا أَنَّ رَجُلًا بِمَكَّةَ نَزَعَ ثِيَابَهُ لِيَغْتَسِلَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَأَخْرَجَ مِنْ عَضُدِهِ دُمْلُجًا زِنَتُهُ خَمْسُونَ مِثْقَالًا، فَوَضَعَهُ مَعَ ثِيَابِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ اغْتِسَالِهِ لَبِسَ ثِيَابَهُ، وَنَسِيَ الدُّمْلُجَ وَمَضَى، وَصَارَ إِلَى بَغْدَادَ، وَبَقِيَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَيِسَ مِنْهُ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِوَى شَيْءٍ يَسِيرٍ، فَاشْتَرَى بِهِ زُجَاجًا مِنَ الْقَوَارِيرِ لِيَبِيعَهَا وَيَتَكَسَّبَ بِهَا.

فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِهَا إِذْ تَعِسَ، فَسَقَطَتِ الْقَوَارِيرُ، فَتَكَسَّرَتْ فَوَقَفَ يَبْكِي، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَتَأَلَّمُونَ لَهُ، فَقَالَ فِي جُمْلَةِ كَلَامِهِ: وَاللَّهِ يَا جَمَاعَةُ لَقَدْ ذَهَبَ مِنِّي مِنْ مُدَّةِ سَنَتَيْنِ دُمْلُجٌ مِنْ ذَهَبٍ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ زِنَتُهُ خَمْسُونَ مِثْقَالًا، مَا تَأَلَّمْتُ لِفَقْدِهِ مَا تَأَلَّمْتُ لِتَكْسِيرِ هَذِهِ الْقَوَارِيرِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ هَذِهِ كَانَتْ جَمِيعَ مَا أَمْلِكُ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ: فَأَنَا وَاللَّهِ لَقِيتُ ذَلِكَ الدُّمْلُجَ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ عَضُدِهِ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ وَالْحَاضِرُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>