للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِسْرِ الزَّلَابِيَّةِ، فَانْطَلَقَ اثْنَانِ، وَأُمْسِكَ الثَّالِثُ الَّذِي تَبَقَّى فِي السَّجْنِ، وَكَأَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ لَهُمُ الْحِبَالَ حَتَّى تَدَلَّوْا فِيهَا، فَاشْتَدَّ نَكِيرُ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ عَلَى نَائِبِ الْقَلْعَةِ، وَضَرَبَ ابْنَيْهِ النَّقِيبَ وَأَخَاهُ وَسَجَنَهُمَا، وَكَاتَبَ فِي هَذِهِ الْكَائِنَةِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَوَرَدَ الْمَرْسُومُ بِعَزْلِ نَائِبِ الْقَلْعَةِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْهَا، وَطَلَبِهِ لِمُحَاسَبَةِ مَا قَبَضَ مِنَ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي مُدَّةِ سِتِّ سِنِينَ مُبَاشَرَتِهِ، وَعَزْلِ ابْنِهِ عَنِ النِّقَابَةِ، وَابْنِهِ الْآخَرِ عَنِ اسْتَادَّارِيَّةِ السُّلْطَانِ، فَنَزَلُوا مِنْ عِزِّهِمْ إِلَى عَزْلِهِمْ.

وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشْرِهِ جَاءَ الْأَمِيرُ تَاجُ الدِّينِ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَيْدَمُرَ نَائِبِ حَلَبَ، وَقَدْ فَتَحَ بَلَدَيْنِ مِنْ بِلَادِ سِيسَ، وَهُمَا طَرَسُوسُ، وَأَذَنَةُ، وَأَرْسَلَ مَفَاتِيحَهُمَا صُحْبَةَ جِبْرِيلَ الْمَذْكُورِ إِلَى السُّلْطَانِ - أَيَّدَهُ اللَّهُ - ثُمَّ افْتَتَحَ حُصُونًا أُخَرَ كَثِيرَةً فِي أَسْرَعِ مُدَّةٍ، وَأَيْسَرِ كُلْفَةٍ، وَخَطَبَ هُنَاكَ الْقَاضِي نَاصِرُ الدِّينِ كَاتِبُ السِّرِّ خُطْبَةً بَلِيغَةً حَسَنَةً، وَبَلَغَنِي فِي كِتَابٍ أَنَّ أَبْوَابَ كَنِيسَةِ أَذَنَةَ حُمِلَتْ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي الْمَرَاكِبِ، قُلْتُ: وَهَذِهِ هِيَ أَبْوَابُ النَّاصِرِيَّةِ الَّتِي بِالسَّفْحِ، أَخَذَهَا صَاحِبُ سِيسَ عَامَ قَازَانَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَاسْتُنْفِذَتْ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

وَفِي أَوَاخِرِ هَذَا الشَّهْرِ بَلَغَنَا أَنَّ الشَّيْخَ قُطْبَ الدِّينِ هِرْمَاسَ الَّذِي كَانَ شَيْخَ السُّلْطَانِ طُرِدَ عَنْ جَنَابِ مَخْدُومِهِ، وَضُرِبَ، وَصُودِرَ، وَخُرِّبَتْ دَارُهُ إِلَى الْأَسَاسِ، وَنُفِيَ إِلَى مِصْيَافٍ، فَاجْتَازَ بِدِمَشْقَ، وَنَزَلَ بِالْمَدْرَسَةِ الْحَلَبِيَّةِ ظَاهِرَ بَابِ الْفَرَجِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>