للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَكَلَّمَ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي " التَّذْكِرَةِ "، وَجَعَلَ هَذِهِ الْقَنْطَرَةَ صِرَاطًا ثَانِيًا لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً، وَلَيْسَ يَسْقُطُ مِنْهُ أَحَدٌ فِي النَّارِ. قُلْتُ: هَذِهِ الْقَنْطَرَةُ تَكُونُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ النَّارِ، فَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْقَنْطَرَةُ مَنْصُوبَةً عَلَى هَوْلٍ آخَرَ مِمَّا يَعْلَمُهُ اللَّهُ، وَلَا نَعْلَمُهُ نَحْنُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ: جُوزُوا النَّارَ بِعَفْوِي، وَادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَاقْتَسِمُوهَا بِفَضَائِلِ أَعْمَالِكُمْ» ". وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِنْ قَوْلِهِ، مِثْلَهُ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، بَلْ مُعْضَلٌ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْوُعَّاظِ، فِيمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي " التَّذْكِرَةِ ": فَتَوَهَّمْ نَفْسَكَ يَا أَخِي إِذَا صِرْتَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَنَظَرْتَ إِلَى جَهَنَّمَ تَحْتَكَ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً مُدْلَهِمَّةً، وَقَدْ تَلَظَّى سَعِيرُهَا، وَعَلَا لَهِيبُهَا، وَأَنْتَ تَمْشِي أَحْيَانًا، وَتَزْحَفُ أُخْرَى. ثُمَّ أَنْشَدَ:

أَبَتْ نَفْسِي تَتُوبُ فَمَا احْتِيَالِي ... إِذَا بَرَزَ الْعِبَادُ لِذِي الْجَلَالِ

وَقَامُوا مِنْ قُبُورِهِمُ حَيَارَى ... بِأَوْزَارٍ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ

وَقَدْ نُصِبَ الصِّرَاطُ لِكَيْ يَجُوزُوا ... فَمِنْهُمْ مَنْ يُكَبُّ عَلَى الشِّمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>