للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٧] . قَالَ: رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَمَاتَ بِهَا. وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ، وَالْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ أَصَحُّ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٧] . قَالَ: إِلَى الْجَنَّةِ. وَقَالَ قَائِلُونَ: رُفِعَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ يَرْدُ بْنُ مَهْلَائِيلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إِدْرِيسَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ نُوحٍ بَلْ فِي زَمَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ، وَاسْتَأْنَسُوا فِي ذَلِكَ بِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ فِي الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ لَمَّا مَرَّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ: «مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ» . وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ آدَمُ وَإِبْرَاهِيمُ: «مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالِابْنِ الصَّالِحِ» . قَالُوا: فَلَوْ كَانَ فِي عَمُودِ نَسَبِهِ لَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَا لَهُ. وَهَذَا لَا يَدُلُّ وَلَا بُدَّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ الرَّاوِي حَفِظَهُ جَيِّدًا أَوْ لَعَلَّهُ قَالَهُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْهَضْمِ وَالتَّوَاضُعِ، وَلَمْ يَنْتَصِبْ لَهُ فِي مَقَامِ الْأُبُوَّةِ، كَمَا انْتَصَبَ لِآدَمَ أَبِي الْبَشَرِ، وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي هُوَ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ أَكْبَرُ أُولِي الْعَزْمِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>