للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ، ثُمَّ إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ فَهُوَ خَطَأٌ مَحْضٌ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَقْتَضِي أَنَّ نُوحًا مَكَثَ فِي قَوْمِهِ بَعْدَ الْبِعْثَةِ، وَقَبْلَ الطُّوفَانِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: ١٤] . [الْعَنْكَبُوتِ: ١٤] ثُمَّ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَحْفُوظًا مِنْ أَنَّهُ بُعِثَ وَلَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَأَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ الطُّوفَانِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً فَيَكُونُ قَدْ عَاشَ عَلَى هَذَا أَلْفَ سَنَةٍ وَسَبْعَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.

وَأَمَّا قَبْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، وَالْأَزْرَقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ التَّابِعَيْنِ مُرْسَلًا، أَنَّ قَبْرَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهَذَا أَقْوَى وَأَثْبَتُ مِنَ الذِّكْرِ الَّذِي يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْ أَنَّهُ بِبَلْدَةٍ بِالْبِقَاعِ تُعْرَفُ الْيَوْمَ بِكَرْكِ نُوحٍ، وَهُنَاكَ جَامِعٌ قَدْ بُنِيَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأُوْقِفَتْ عَلَيْهِ أَوْقَافٌ فِيمَا ذُكِرَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>