للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُشْمِتْ بِي عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَلَا تُحَمِّلْنِي مِنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ مَالَا طَاقَةَ لِي بِحَمْلِهَا. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا انْقَضَى كَلَامُهَا حَتَّى حَرَّكَ قَدَمَيْهِ وَأَلْقَى الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، وَعَاشَ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَتَّى هَلَكَتْ أُمُّهُ. قَالَ أَنَسٌ: ثُمَّ جَهَّزَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَيْشًا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ. قَالَ أَنَسٌ: وَكُنْتُ فِي غَزَاتِهِ، فَأَتَيْنَا مَغَازِينَا فَوَجَدْنَا الْقَوْمَ قَدْ نَذِرُوا بِنَا فَعَفَّوْا آثَارَ الْمَاءِ وَالْحَرُّ شَدِيدٌ، فَجَهَدَنَا الْعَطَشُ وَدَوَابَّنَا، وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا مَالَتِ الشَّمْسُ لِغُرُوبِهَا صَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ شَيْئًا. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا حَطَّ يَدَهُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا، وَأَنْشَأَ سَحَابًا، وَأَفْرَغَتْ حَتَّى مَلَأَتِ الْغُدُرَ وَالشِّعَابَ، فَشَرِبْنَا وَسَقَيْنَا رِكَابَنَا وَاسْتَقَيْنَا. قَالَ: ثُمَّ أَتَيْنَا عَدُوَّنَا وَقَدْ جَاوَزَ خَلِيجًا فِي الْبَحْرِ إِلَى جَزِيرَةٍ، فَوَقَفَ عَلَى الْخَلِيجِ وَقَالَ: يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، يَا حَلِيمُ يَا كَرِيمُ. ثُمَّ قَالَ: أَجِيزُوا بِسْمِ اللَّهِ. قَالَ: فَأَجَزْنَا مَا يَبُلُّ الْمَاءُ حَوَافِرَ دَوَابِّنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا فَأَصَبْنَا الْعَدُوَّ غِيلَةً، فَقَتَلْنَا وَأَسَرْنَا وَسَبَيْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا الْخَلِيجَ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَأَجَزْنَا مَا يَبُلُّ الْمَاءُ حَوَافِرَ دَوَابِّنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا. ثُمَّ ذَكَرَ مَوْتَ الْعَلَاءِ، وَدَفْنَهُمْ إِيَّاهُ فِي أَرْضٍ لَا تَقْبَلُ الْمَوْتَى، ثُمَّ إِنَّهُمْ حَفَرُوا عَنْهُ لِيَنْقُلُوهُ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا فَلَمْ يَجِدُوهُ ثَمَّ، وَإِذَا اللَّحْدُ يَتَلَأْلَأُ نُورًا، فَأَعَادُوا التُّرَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ ارْتَحَلُوا» . فَهَذَا السِّيَاقُ أَتَمُّ، وَفِيهِ قِصَّةُ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْيَا اللَّهُ لَهَا وَلَدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>