للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَجَاحِ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ عُقُولِهِمْ وَعُقُولِ مَنِ اتَّبَعَهُمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ وَمِحَالِهِمْ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَيَّامِ جَاهِلِيَّتِهِ، فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ: مَاذَا أُنْزِلَ عَلَى صَاحِبِكُمْ فِي هَذَا الْحِينِ؟ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ سُورَةٌ وَجِيزَةٌ بَلِيغَةٌ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١] قَالَ: فَفَكَّرَ مُسَيْلِمَةُ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: وَلَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ مِثْلُهَا. فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ مُسَيْلِمَةُ: يَا وَبَرُ يَا وَبَرُ، إِنَّمَا أَنْتِ أُذُنَانِ وَصَدْرٌ، وَسَائِرُكِ حَقْرٌ نَقْرٌ. ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى يَا عَمْرُو؟ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي أَعْلَمُ إِنَّكَ لَتَكْذِبُ. وَذَكَرَ عُلَمَاءُ التَّارِيخِ أَنَّهُ كَانَ يَتَشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَقَ فِي بِئْرٍ، فَغَزُرَ مَاؤُهَا، فَبَصَقَ فِي بِئْرٍ فَغَاضَ مَاؤُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِي أُخْرَى فَصَارَ مَاؤُهَا أُجَاجًا، وَتَوَضَّأَ وَسَقَى بِوَضُوئِهِ نَخْلًا فَيَبِسَتْ وَهَلَكَتْ، وَأُتِيَ بِوِلْدَانٍ يَبَرِّكُ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ قُرِعَ رَأْسُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لُثِغَ لِسَانُهُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ دَعَا لِرَجُلٍ أَصَابَهُ وَجَعٌ فِي عَيْنَيْهِ فَمَسَحَهُمَا فَعَمِيَ.

وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ ذَفَرَةَ النَّمَرِيِّ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ طَلْحَةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>