للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِ الرَّجَّالِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ الضَّرُورَةُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، وَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ، لَعَنَهُ اللَّهُ، كَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَمْرِ مَعَكَ، فَلَكَ الْمَدَرُ وَلِيَ الْوَبَرُ. وَيُرْوَى: فَلَكُمْ نِصْفُ الْأَرْضِ وَلَنَا نِصْفُهَا، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُونَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» .

وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا كَانَ يَتَعَاطَاهُ مُسَيْلِمَةُ وَيَتَعَانَاهُ، لَعَنَهُ اللَّهُ، مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ أَسْخَفُ مِنَ الْهَذَيَانِ، مِمَّا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَحْيٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ وَأَمْثَالُهُ عُلُوًّا كَبِيرًا.

وَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَعْمَ أَنَّهُ اسْتَقَلَّ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ، وَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ، وَكَانَ يَقُولُ:

خُذِي الدُّفَّ يَا هَذِهِ وَالْعَبِي ... وَبُثِّي مَحَاسِنَ هَذَا النَّبِي

تَوَلَّى نَبِيُّ بَنِي هَاشِمٍ ... وَقَامَ نَبِيُّ بَنِي يَعْرُبِ

فَلَمْ يُمْهِلْهُ اللَّهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَيْفًا مِنْ سُيُوفِهِ، وَحَتْفًا مِنْ حُتُوفِهِ، فَبَعَجَ بَطْنَهُ، وَفَلَقَ رَأْسَهُ وَعَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّارِ، فَبِئْسَ الْقَرَارُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: ٩٢] . فَمُسَيْلِمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَأَمْثَالُهُمَا، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، أَحَقُّ النَّاسِ دُخُولًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَأَوْلَاهُمْ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ الْعَظِيمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>