للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مُجَنِّبَتَيِ الْقَلْبِ - أَنْ يُنْشِئَا الْقِتَالَ، فَبَدَرَا يَرْتَجِزَانِ وَدَعَوْا إِلَى الْبِرَازِ، وَتَنَازَلَ الْأَبْطَالُ، وَتَجَاوَلُوا وَحَمِيَ الْحَرْبُ، وَقَامَتْ عَلَى سَاقٍ، هَذَا وَخَالِدٌ مَعَهُ كُرْدُوسٌ مِنَ الْحُمَاةِ الشُّجْعَانِ الْأَبْطَالِ بَيْنَ يَدَيِ الصُّفُوفِ، وَالْأَبْطَالُ يَتَصَاوَلُونَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَبْعَثُ إِلَى كُلِّ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمَا يَعْتَمِدُونَهُ مِنَ الْأَفَاعِيلِ، وَيُدَبِّرُ أَمْرَ الْحَرْبِ أَتَمَّ تَدْبِيرٍ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ قُدَمَاءِ مَشَايِخِ دِمَشْقَ قَالُوا: ثُمَّ زَحَفَ بَاهَانُ فَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَدْ جَعَلَ عَلَى الْمَيْمَنَةِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ قُبَاثَ بْنَ أَشْيَمَ الْكِنَانِيَّ، وَعَلَى الرَّجَّالَةِ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَلَى الْخَيْلِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ وَسَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِالْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَقُولُ: عِبَادَ اللَّهِ، انْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اصْبِرُوا، وَصَابِرُوا، فَإِنَّ الصَّبْرَ مَنْجَاةٌ مِنَ الْكُفْرِ، وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، وَمَدْحَضَةٌ لِلْعَارِ، وَلَا تَبْرَحُوا مَصَافَّكُمْ، وَلَا تَخْطُوا إِلَيْهِمْ خُطْوَةً، وَلَا تَبْدَأُوهُمْ بِالْقِتَالِ، وَأَشْرِعُوا الرِّمَاحَ وَاسْتَتِرُوا بِالدَّرَقِ وَالْزَمُوا الصَّمْتَ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَخَرَجَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُمْ وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، وَمُسْتَحْفِظِي الْكِتَابِ، وَأَنْصَارَ الْهُدَى وَالْحَقِّ، إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ لَا تُنَالُ، وَجَنَّتَهُ لَا تُدْخَلُ بِالْأَمَانِيِّ، وَلَا يُؤْتِي اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ الْوَاسِعَةَ إِلَّا الصَّادِقَ الْمُصَدِّقَ، أَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [النور: ٥٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>