للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى هَذَا فَلَهُ مَا لَكَمَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْكُمْ، وَمَنْ أَبَى فَاعْرِضُوا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، ثُمَّ امْنَعُوهُ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ، وَمَنْ أَبَى فَقَاتِلُوهُ، فَأَنَا الْحَكَمُ بَيْنَكُمْ، فَمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ أَدْخَلْتُهُ جَنَّتِي، وَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَعْقَبْتُهُ النَّصْرَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ. فَاخْتَرْ إِنْ شِئْتَ الْجِزْيَةَ، وَأَنْتَ صَاغِرٌ، وَإِنْ شِئْتَ فَالسَّيْفَ، أَوْ تُسْلِمُ فَتُنَجِّيَ نَفْسَكَ. فَقَالَ يَزْدَجِرْدُ: اسْتَقْبَلْتَنِي بِمِثْلِ هَذَا؟ ! فَقَالَ: مَا اسْتَقْبَلْتُ إِلَّا مَنْ كَلَّمَنِي، وَلَوْ كَلَّمَنِي غَيْرُكَ لَمْ أَسْتَقْبِلْكَ بِهِ. فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمْ، لَا شَيْءَ لَكُمْ عِنْدِي. وَقَالَ: ائْتُونِي بِوَقْرٍ مِنْ تُرَابٍ، فَاحْمِلُوهُ عَلَى أَشْرَفِ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ سُوقُوهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَبْيَاتِ الْمَدَائِنِ، ارْجِعُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَأَعْلِمُوهُ أَنِّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِ رُسْتُمَ حَتَّى يَدْفِنَهُ وَجُنْدَهُ فِي خَنْدَقِ الْقَادِسِيَّةِ وَيُنَكِّلَ بِهِ وَبِكُمْ مِنْ بَعْدُ، ثُمَّ أُورِدُهُ بِلَادَكُمْ حَتَّى أَشْغَلَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ بِأَشَدَّ مِمَّا نَالَكُمْ مِنْ سَابُورَ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَشْرَفُكُمْ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو، وَافْتَاتَ لِيَأْخُذَ التُّرَابَ: أَنَا أَشْرَفُهُمْ، أَنَا سَيِّدُ هَؤُلَاءِ، فَحَمِّلْنِيهِ. فَقَالَ: أَكَذَاكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَخَرَجَ بِهِ مِنَ الْإِيوَانِ وَالدَّارِ حَتَّى أَتَى رَاحِلَتَهُ، فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ انْجَذَبَ فِي السَّيْرِ فَأَتَوْا بِهِ سَعْدًا، وَسَبَقَهُمْ عَاصِمٌ، فَمَرَّ بِبَابِ قُدَيْسٍ فَطَوَاهُ فَقَالَ: بَشِّرُوا الْأَمِيرَ بِالظَّفَرِ، ظَفِرْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ مَضَى حَتَّى جَعَلَ التُّرَابَ فِي الْحِجْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَدَخَلَ عَلَى سَعْدٍ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ: أَبْشِرُوا فَقَدْ وَاللَّهِ أَعْطَانَا اللَّهُ أَقَالِيدَ مُلْكِهِمْ. وَتَفَاءَلُوا بِذَلِكَ أَخْذَ بِلَادِهِمْ، ثُمَّ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>