للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَارَ مِنَ الْجَابِيَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، كَمَا ذَكَرَ سَيْفٌ وَغَيْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَمَّا رِوَايَةُ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ الشَّامَ مَرَّتَيْنِ، وَرَجَعَ الثَّالِثَةَ مِنْ سَرْعٍ، فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَإِنَّمَا قَدِمَ مَرَّةً وَاحِدَةً عَامَ الْجَابِيَةِ حِينَ صَالَحَ أَهْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَرَجَعَ مِنْ سَرْعٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ دِمَشْقَ وَحِمْصَ، وَأَنْكَرَ الْوَاقِدِيُّ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَلَا يُعْرَفُ أَنَّهُ دَخَلَ دِمَشْقَ إِلَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي " سِيرَتِهِ ".

وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ حِينَ دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ، عَنْ مَكَانِ الصَّخْرَةِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَذْرِعْ مِنَ الْحَائِطِ الَّذِي يَلِي وَادِي جَهَنَّمَ، كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا فَهِيَ ثَمَّ. فَذَرَعُوا فَوَجَدُوهَا وَقَدِ اتَّخَذَهَا النَّصَارَى مَزْبَلَةً كَمَا فَعَلَتِ الْيَهُودُ بِمَكَانِ الْقُمَامَةِ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ الْمَصْلُوبُ الَّذِي شُبِّهَ بِعِيسَى، فَاعْتَقَدَتِ النَّصَارَى وَالْيَهُودُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ، وَقَدْ كَذَبُوا فِي اعْتِقَادِهِمْ هَذَا كَمَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خَطَإِهِمْ فِي ذَلِكَ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّصَارَى لَمَّا حَكَمُوا عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْبِعْثَةِ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ، طَهَّرُوا مَكَانَ الْقُمَامَةِ، وَاتَّخَذُوهُ كَنِيسَةً هَائِلَةً بَنَتْهَا أَمُّ الْمَلِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>