للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرَةَ - قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ الْقُفُولَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا، خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَقَضَيْتُ الَّذِي عَلَيَّ فِي الَّذِي وَلَّانِي اللَّهُ مِنْ أَمْرِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَبَسَطْنَا بَيْنَكُمْ فَيْأَكُمْ وَمَنَازِلَكُمْ وَمَغَازِيكُمْ، وَأَبْلَغْنَاكُمْ مَا لَدَيْنَا، فَجَنَّدْنَا لَكُمُ الْجُنُودَ، وَهَيَّأْنَا لَكُمُ الْفُرُوجَ، وَبَوَّأْنَا لَكُمْ، وَوَسَّعْنَا عَلَيْكُمْ مَا بَلَغَ فَيْئُكُمْ وَمَا قَاتَلْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ شَامِكُمْ، وَسَمَّيْنَا لَكُمْ أَطَعِمَاتِكُمْ، وَأَمَرْنَا لَكُمْ بِأُعْطِيَّاتِكُمْ وَأَرْزَاقِكُمْ وَمَغَانِمِكُمْ، فَمَنْ عَلِمَ شَيْئًا يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ فَلْيُعْلِمْنَا نَعْمَلْ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ أَمَرْتَ بِلَالًا فَأَذَّنَ! فَأَمَرَهُ فَأَذَّنَ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ كَانَ أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِلَّا بَكَى حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، وَعُمَرُ أَشَدُّهُمْ بُكَاءً، وَبَكَى مَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ لِبُكَائِهِمْ وَلِذِكْرِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، مِنْ طَرِيقِ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الْمُجَالِدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَ يُنْكِرُ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي دُخُولِهِ إِلَى الْحَمَّامِ، وَتَدُلِّكِهِ بَعْدَ النُّورَةِ بِعُصْفُرٍ مَعْجُونٍ بِخَمْرٍ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ظَاهِرَ الْخَمْرِ وَبَاطِنَهُ، كَمَا حَرَّمَ ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ، وَقَدْ حَرَّمَ مَسَّ الْخَمْرِ فَلَا تُمِسُّوهَا أَجْسَادَكُمْ فَإِنَّهَا نَجَسٌ، فَإِنْ فَعَلْتُمْ فَلَا تَعُودُوا» . فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدٌ: إِنَّا قَتَلْنَاهَا فَعَادَتْ غَسُولًا غَيْرَ خَمْرٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنِّي أَظُنُّ أَنَّ آلَ الْمُغِيرَةِ قَدِ ابْتُلُوا بِالْجَفَاءِ، فَلَا أَمَاتَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَانْتَهَى لِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>