للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِحْدَاهُمَا بَقَايَا الْعِمَارَةِ مِنْ مَغَارِفَ وَلَبِنٍ وَحَدِيدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِذَا طُولُ اللَّبِنَةِ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ فِي مِثْلِهِ، فِي سُمْكِ شِبْرٍ.

وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَهْلَ تِلْكَ الْبِلَادِ هَلْ رَأَوْا أَحَدًا مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ؟ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا مِنْهُمْ يَوْمًا أَشْخَاصًا فَوْقَ الشُّرُفَاتِ، فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَأَلْقَتْهُمْ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا طُولُ الرَّجُلِ مِنْهُمْ شِبْرٌ وَنِصْفُ شِبْرٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مُعَاوِيَةُ الصَّائِفَةَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارَ وَغَنِمَ وَرَجَعَ سَالِمًا.

وَفِيهَا وُلِدَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَفِيهَا حَجٌّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ عُمَّالُهُ فِيهَا عَلَى الْبِلَادِ، هُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي السَّنَةِ قَبْلَهَا.

وَذُكِرَ أَنَّ عُمَرَ عَزَلَ عَمَّارًا فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنِ الْكُوفَةِ؛ اشْتَكَاهُ أَهْلُهَا وَقَالُوا: لَا يُحْسِنُ السِّيَاسَةَ. فَعَزَلَهُ وَوَلَّى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، فَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ لَا نُرِيدُهُ. وَشَكَوْا مِنْ غُلَامِهِ. فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِي. وَذَهَبَ إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ لِيُفَكِّرَ مَنْ يُوَلِّي. فَنَامَ مِنَ الْهَمِّ فَجَاءَهُ الْمُغِيرَةُ فَجَعَلَ يَحْرُسُهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِي بَلَغَ بِكَ هَذَا. قَالَ: وَكَيْفَ لَا وَأَهْلُ الْكُوفَةِ مِائَةُ أَلْفٍ لَا يَرْضَوْنَ عَنْ أَمِيرٍ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُمْ أَمِيرٌ. ثُمَّ جَمَعَ الصَّحَابَةَ وَاسْتَشَارَهُمْ ; هَلْ يُوَلِّي عَلَيْهِمْ قَوِيًّا مُشَدِّدًا أَوْ ضَعِيفًا مُسْلِمًا؟ فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْقَوِيَّ قُوَّتُهُ لَكَ وَلِلْمُسْلِمِينَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>