للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ اللَّيَالِي شَرًّا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتُسَمَّى هَذِهِ اللَّيْلَةُ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ. وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ تَقَصَّفَتْ فِيهَا الرِّمَاحُ وَنَفَدَتِ النِّبَالُ، وَصَارَ النَّاسُ إِلَى السُّيُوفِ وَعَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَرِّضُ الْقَبَائِلَ، وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهِمْ، يَأْمُرُ بِالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ وَهُوَ أَمَامَ النَّاسِ فِي قَلْبِ الْجَيْشِ، وَعَلَى الْمَيْمَنَةِ الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ، تَوَلَّاهَا بَعْدَ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالنَّاسُ يَقْتَتِلُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَذَلِكَ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ، عَرَفَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ بُغَاةٌ لَيْسَ مَعَهُمْ حَقٌّ.

وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السِّيَرِ، أَنَّهُمُ اقْتَتَلُوا بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَقَصَّفَتْ، وَبِالنِّبَالِ حَتَّى فَنِيَتْ، وَبِالسُّيُوفِ حَتَّى تَحَطَّمَتْ، ثُمَّ صَارُوا إِلَى أَنْ تَقَاتَلُوا بِالْأَيْدِي، وَالرَّمْيِ بِالْحِجَارَةِ، وَالتُّرَابِ يَعْفِرُونَهُ فِي الْوُجُوهِ، ثُمَّ تَعَاضُّوا بِالْأَسْنَانِ، فَكَانَ يَقْتَتِلُ الرَّجُلَانِ حَتَّى يُثْخِنَا ثُمَّ يَجْلِسَانِ يَسْتَرِيحَانِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَهْمِزُ عَلَى الْآخَرِ وَيَهِرُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُومَانِ فَيَقْتَتِلَانِ كَمَا كَانَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>