للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ أَنْ يَقُولُوا هَذَا الْبُهْتَانَ مِنَ الْقَوْلِ فِي تَفْسِيرِهِمْ لَهُ عَلَى غَيْرِ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ بَعْدَهَا قَوْلَهُ تَعَالَى {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: ٣٥] . فَذَكَرَ بَعْدَهَا مِيلَادَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَقَدْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ كَثِيرَ الْمَحَبَّةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ بَلْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ، فِي عَرْضِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، عَلَى عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ فِي السِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ: كَانَ آخِرُ مَا قَالَ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ «أَمَا لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ " فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ - وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: ١١٣ - ١١٤]

[التَّوْبَةِ: ١١٣: ١١٤] . وَنَزَلَتْ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: ٥٦] » .

<<  <  ج: ص:  >  >>