للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ الْخِيَرَةُ، وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا.

وَلَمَّا اسْتَفْحَلَ أَمْرُ أَبِي مُسْلِمٍ بِخُرَاسَانَ تَعَاقَدَتْ طَوَائِفُ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ الَّذِينَ بِهَا عَلَى حَرْبِهِ وَمُقَاتِلَتِهِ، وَلَمْ يَكْرَهْ أَمْرَهُ الْكَرْمَانِيُّ، وَشَيْبَانُ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَلَى نَصْرٍ وَهَذَا مُخَالِفٌ لَهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَدْعُو إِلَى خَلْعِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ وَقَدْ طَلَبَ نَصْرٌ مِنْ شَيْبَانَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ عَلَى حَرْبِ أَبِي مُسْلِمٍ أَوْ يَكُفَّ عَنْهُ حَتَّى يَتَفَرَّغَ لِحَرْبِهِ، فَإِذَا قَتَلَهُ وَتَفَرَّغَ مِنْهُ عَادَا إِلَى عَدَاوَتِهِمَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا مُسْلِمٍ فَبَعَثَ إِلَى ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، فَثَنَى ابْنُ الْكَرْمَانِيِّ شَيْبَانَ عَلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ، وَبَعَثَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى هَرَاةَ النَّضْرَ بْنَ نُعَيْمٍ فَافْتَتَحَهَا وَطَرَدَ عَنْهَا عَامِلَهَا عِيسَى بْنَ عَقِيلٍ اللَّيْثِيَّ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى الْبَلَدِ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ بِذَلِكَ، وَجَاءَ عَامِلُهَا إِلَى نَصْرٍ هَارِبًا. ثُمَّ إِنَّ شَيْبَانَ وَادَعَ نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ سَنَةً عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَذَلِكَ عَنْ كُرْهٍ مِنَ ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ فَبَعَثَ ابْنُ الْكَرْمَانِيِّ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: إِنِّي مَعَكَ عَلَى قِتَالِ نَصْرٍ. وَرَكِبَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى خِدْمَةِ ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ فَنَزَلَ عِنْدَهُ وَاجْتَمَعَا، فَاتَّفَقَا عَلَى حَرْبِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، وَتَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَسِيحٍ، وَكَثُرَ جُنْدُهُ، وَعَظُمَ جَيْشُهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الشُّرَطِ وَالْحَرَسِ وَالرَّسَائِلِ وَالدِّيوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ الْمَلِكُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُجَاشِعٍ التَّمِيمِيَّ - وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ - عَلَى الْقَضَاءِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِأَبِي مُسْلِمٍ الصَّلَوَاتِ، وَيَقُصُّ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَيَذْكُرُ مَحَاسِنَ بَنِي هَاشِمٍ وَيَذُمُّ بَنِي أُمَيَّةَ. ثُمَّ تَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَنَزَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>