للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا جِيءَ الْمَنْصُورُ بِرَأْسِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَمَرَ فَطِيفَ بِهِ فِي طَبَقٍ أَبْيَضَ، ثُمَّ طِيفَ بِهِ فِي الْأَقَالِيمِ بَعْدَ ذَلِكَ. ثُمَّ شَرَعَ الْمَنْصُورُ فِي اسْتِدْعَاءِ مَنْ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدٍ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَتَلَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْفُو عَنْهُ.

وَلَمَّا تَوَجَّهَ عِيسَى بْنُ مُوسَى إِلَى مَكَّةَ اسْتَنَابَ عَلَى الْمَدِينَةِ كُثَيِّرَ بْنَ حُصَيْنٍ، فَاسْتَمَرَّ شَهْرًا حَتَّى بَعَثَ الْمَنْصُورُ عَلَى نِيَابَتِهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الرَّبِيعِ فَعَاثَ جُنْدُهُ فِي الْمَدِينَةِ فَسَادًا، وَاشْتَرَوْا مِنَ النَّاسِ أَشْيَاءَ لَا يُعْطُونَهُمْ ثَمَنَهَا، وَإِنْ طُولِبُوا بِذَلِكَ ضَرَبُوا الْمُطَالِبَ، وَخَوَّفُوهُ بِالْقَتْلِ، فَثَارَ عَلَيْهِمْ طَائِفَةٌ مِنَ السُّودَانِ; وَاجْتَمَعُوا وَنَفَخُوا فِي بُوقٍ لَهُمْ، فَاجْتَمَعَ عَلَى صَوْتِهِ كُلُّ أَسْوَدٍ فِي الْمَدِينَةِ وَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ حَمْلَةً وَاحِدَةً وَهُمْ ذَاهِبُونَ إِلَى الْجُمْعَةِ، لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - وَقِيلَ: لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ مِنْهَا - فَقَتَلُوا مِنْهُمْ طَائِفَةً كَثِيرَةً وَهَرَبَ نَائِبُ الْمَدِينَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ، وَتَرَكَ صَلَاةَ الْجُمْعَةِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ السُّودَانِ; وَثِيقٌ، وَيَعْقِلُ، وَرُمْقَةُ، وَحَدْيَا، وَعُنْقُودٌ، وَمِسْعَرٌ وَأَبُو قَيْسٍ، وَأَبُو النَّارِ، فَرَكِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ فِي جُنُودِهِ وَالْتَقَى مَعَ السُّودَانِ فَهَزَمُوهُ، وَمَضَى فَلَحِقُوهُ بِالْبَقِيعِ، فَأَلْقَى لَهُمْ دَرَاهِمَ شَغَلَهُمْ بِهَا، حَتَّى نَجَا بِنَفْسِهِ وَمَنِ اتَّبَعَهُ، فَلَحِقَ بِبَطْنِ نَخْلٍ عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَوَقَعَ السُّودَانُ عَلَى طَعَامٍ لِلْمَنْصُورِ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>