للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ سَلِمْتُ وَإِلَّا كُنْتُ فِدَاءَكَ وَفِدَاءَ مَنْ عِنْدَكَ مِنَ الْأُمَرَاءِ. فَأَرْسَلَهُ سَفِيرًا فِي الْقَضِيَّةِ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ بِعَزْلِهِ عَنِ السَّنَدِ، وَوَلَّاهُ بِلَادَ إِفْرِيقِيَّةَ عِوَضًا عَنْ أَمِيرِهَا. وَلَمَّا وَجَّهَ الْمَنْصُورُ هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى السِّنْدِ أَمَرَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَجَعَلَ يَتَوَانَى فِي ذَلِكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ يَسْتَحِثُّهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّ سَفَنَّجًا أَخَا هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ، فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ جَمِيعًا، وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ مَكَانُهُ فِي الْقَتْلَى، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. فَكَتَبَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى الْمَنْصُورِ يُعْلِمُهُ بِقَتْلِهِ، فَبَعَثَ يَشْكُرُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَأْمُرُهُ بِقِتَالِ الْمَلِكِ الَّذِي آوَاهُ، وَيُعْلِمُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ قَدْ تَسَرَّى بِجَارِيَةٍ هُنَالِكَ، وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا أَسْمَاهُ مُحَمَّدًا، فَإِذَا ظَفِرْتَ بِالْمَلِكِ فَاحْتَفِظْ بِالْغُلَامِ. فَنَهَضَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى ذَلِكَ الْمَلِكِ، فَقَاتَلَهُ فَغَلَبَهُ وَقَهَرَهُ عَلَى بِلَادِهِ وَأَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَبَعَثَ بِالْفَتْحِ وَالْأَخْمَاسِ وَبِذَلِكَ الْغُلَامِ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَفَرِحَ الْمَنْصُورُ بِذَلِكَ، وَبَعَثَ بِذَلِكَ الْغُلَامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِهَا يُعْلِمُهُ بِصِحَّةِ نَسَبِهِ، وَيَأْمُرُهُ بِأَنْ يُلْحِقَهُ بِأَهْلِهِ يَكُونُ عِنْدَهُمْ لِئَلَّا يَضِيعَ نَسَبُهُ، فَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْأَشْتَرِ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَبِيهِ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ، فَتَلَقَّاهُ أَبُوهُ وَالْأُمَرَاءُ وَالْأَكَابِرُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، وَقَدِمَ نُوَّابُ الْبِلَادِ مِنَ الشَّامِ وَغَيْرِهَا لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ وَتَهْنِئَتِهِ بِالسَّلَامَةِ وَالنَّصْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>