للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ]

[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]

فِيهَا هَاجَتِ الْفِتْنَةُ بِالشَّامِ بَيْنَ النِّزَارِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، فَانْزَعَجَ الرَّشِيدُ لِذَلِكَ، فَنَدَبَ جَعْفَرًا الْبَرْمَكِيَّ إِلَى الشَّامِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْجُنُودِ، فَدَخَلَ الشَّامَ، فَانْقَادَ النَّاسُ لَهُ، وَلَمْ يَدَعْ جَعْفَرٌ بِالشَّامِ فَرَسًا وَلَا سَيْفًا وَلَا رُمْحًا إِلَّا اسْتَلَبَهُ مِنَ النَّاسِ. وَأَطْفَأَ اللَّهُ بِهِ نَارَ تِلْكَ الْفِتْنَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ:

لَقَدْ أُوقِدَتْ بِالشَّامِ نِيرَانُ فِتْنَةٍ ... فَهَذَا أَوَانُ الشَّامِ تُخْمَدُ نَارُهَا

إِذَا جَاشَ مَوْجُ الْبَحْرِ مِنْ آلِ بَرْمَكَ ... عَلَيْهَا خَبَتْ شُهْبَانُهَا وَشِرَارُهَا

رَمَاهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِجَعْفَرٍ ... وَفِيهِ تَلَاقَى صَدْعُهَا وَانْجِبَارُهَا

رَمَاهَا بِمَيْمُونِ النَّقِيبَةِ مَاجِدٍ ... تَرَاضَى بِهِ قَحْطَانُهَا وَنِزَارُهَا

ثُمَّ كَرَّ جَعْفَرٌ رَاجِعًا إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَمَا اسْتَخْلَفَ عَلَى الشَّامِ عِيسَى ابْنَ الْعَكِّيِّ، وَلَمَّا قَدِمَ عَلَى الرَّشِيدِ أَكْرَمَهُ وَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، وَشَرَعَ جَعْفَرٌ يَذْكُرُ كَثْرَةَ وَحْشَتِهِ لَهُ فِي الشَّامِ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي مَنَّ عَلَيْهِ بِرُجُوعِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ.

وَفِيهَا وَلَّى الرَّشِيدُ جَعْفَرًا خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى ذَلِكَ مُحَمَّدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>