للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمِيرِ طَاهِرٍ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى وَزِيرِ الْمَأْمُونِ ذِي الرِّيَاسَتَيْنِ. وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: طَاهِرٌ الصَّغِيرُ فَسُمِّيَ ذَا الْيَمِينَيْنِ لِأَنَّهُ أَخَذَ السَّيْفَ بِيَدَيْهِ الثِّنْتَيْنِ، فَذَبَحَ بِهِ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ فَفَرِحَ بِذَلِكَ الْمَأْمُونُ وَذَوُوهُ.

وَانْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى الْأَمِينِ وَهُوَ يَصِيدُ السَّمَكَ مِنْ دِجْلَةَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، دَعْنِي مِنْ هَذَا؛ فَإِنَّ كَوْثَرًا قَدْ صَادَ سَمَكَتَيْنِ، وَلَمْ أَصِدْ بَعْدُ شَيْئًا. وَأَرْجَفَ النَّاسُ بِبَغْدَادَ، وَخَافُوا غَائِلَةَ هَذَا الْأَمْرِ، وَنَدِمَ مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ نَكْثِ الْعَهْدِ، وَخَلْعِ أَخِيهِ الْمَأْمُونِ وَمَا وَقَعَ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ. وَكَانَ رُجُوعُ الْخَبَرِ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا.

ثُمَّ جَهَّزَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَبَلَةَ الْأَبْنَاوِيَّ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ إِلَى هَمَذَانَ لِيُقَاتِلُوا طَاهِرَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْخُرَاسَانِيَّةِ، فَلَمَّا اقْتَرَبُوا مِنْهُمْ تَوَاجَهُوا، فَتَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَكَثُرَتِ الْقَتْلَى بَيْنَهُمْ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ انْهَزَمَ أَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبَلَةَ فَلَجَئُوا إِلَى هَمَذَانَ فَحَاصَرَهُمْ بِهَا طَاهِرٌ حَتَّى اضْطَرَّهُمْ إِلَى أَنْ دَعَوْا إِلَى الصُّلْحِ، فَصَالَحَهُمْ وَأَمَّنَهُمْ وَوَفَّى لَهُمْ، وَانْصَرَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبَلَةَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ رَاجِعِينَ، ثُمَّ غَدَرُوا بِأَصْحَابِ طَاهِرٍ، وَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَافِلُونَ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا، وَصَبَرَ لَهُمْ أُولَئِكَ، ثُمَّ نَهَضُوا إِلَيْهِمْ فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوا أَمِيرَهُمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>