للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدِ احْتَازَ طَاهِرٌ أَكْثَرَ مَحَالِّ بَغْدَادَ وَأَرْبَاضِهَا، وَمَنَعَ الْمَلَّاحِينَ أَنْ يَحْمِلُوا طَعَامًا إِلَى مَنْ خَالَفَهُ، لِيُضَيِّقَ عَلَيْهِمْ، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ عِنْدَهُمْ جِدًّا، وَنَدِمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمُنِعَتِ التُّجَّارُ مِنَ الْقُدُومِ إِلَى بَغْدَادَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَضَائِعِ أَوِ الدَّقِيقِ، وَصُرِفَتِ السُّفُنُ إِلَى الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ جَرَتْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ؛ فَمِنْ ذَلِكَ وَقْعَةُ دَرْبِ الْحِجَارَةِ، كَانَتْ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ قُتِلَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ أَصْحَابِ طَاهِرٍ، كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَيَّارِينَ وَالْحَرَافِشَةُ مِنَ الْبَغَادِدَةِ يَأْتِي عُرْيَانًا، وَمَعَهُ بَارِيَّةٌ مُقَيَّرَةٌ، وَتَحْتَ كَتِفِهِ مِخْلَاةٌ فِيهَا حِجَارَةٌ، فَإِذَا ضَرَبَهُ الْفَارِسُ مِنْ بَعِيدٍ بِالسَّهْمِ اتَّقَاهُ بِبَارِيَّتِهِ فَلَا يُؤْذِيهِ، وَإِذَا اقْتَرَبَ مِنْهُ رَمَاهُ بِحَجَرٍ فِي الْمِقْلَاعِ فَأَصَابَهُ، فَهَزَمُوهُمْ بِذَلِكَ.

وَوَقْعَةُ الشَّمَّاسِيَّةِ أُسِرَ فِيهَا هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى طَاهِرٍ، وَأَمَرَ بِعَقْدِ جِسْرٍ عَلَى دِجْلَةَ فَوْقَ الشَّمَّاسِيَّةِ، وَعَبَرَ بِنَفْسِهِ، وَمَنْ مَعَهُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَقَاتَلَهُمْ بِنَفْسِهِ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى أَزَالَهُمْ عَنْ مَوَاضِعِهِمْ، وَاسْتَرَدَّ مِنْهُمْ هَرْثَمَةَ، وَجَمَاعَةً مِمَّنْ كَانُوا أَسَرُوهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>