للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَاتِلَةِ، فَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ نَحْوَهَا، فَجَعَلَتِ الرُّومُ يُشِيرُونَ إِلَيْهِمْ لَا تَحْيَوْا، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى دِفَاعِهِمْ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ تَكَاثَرُوا عَلَيْهِمْ وَدَخَلُوا الْبَلَدَ قَهْرًا وَتَتَابَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهَا يُكَبِّرُونَ، وَتَفَرَّقَتِ الرُّومُ عَنْ أَمَاكِنِهَا، فَجَعَلُوا يَقْتُلُونَهُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ حَيْثُ وَجَدُوهُمْ وَأَيْنَ ثَقِفُوهُمْ، وَقَدْ حَصَرُوهُمْ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ هَائِلَةٍ، فَفَتَحُوهَا قَسْرًا وَقَتَلُوا مَنْ فِيهَا قَهْرًا، وَأَحْرَقُوا عَلَيْهِمْ بَابَ الْكَنِيسَةِ فَأُحْرِقُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مَوْضِعٌ مُحَصَّنٌ سِوَى الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ النَّائِبُ وَهُوَ يَاطَسُ، فِي حِصْنٍ مَنِيعٍ، فَرَكِبَ الْمُعْتَصِمُ فَرَسَهُ وَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ بِحِذَاءِ الْحِصْنِ الَّذِي فِيهِ يَاطَسُ، فَنَادَاهُ الْمُنَادِي: وَيْحَكَ يَا يَاطَسُ، هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَاقِفٌ تُجَاهَكَ. فَقَالَ: لَيْسَ يَاطَسُ هَاهُنَا. مَرَّتَيْنِ. فَغَضِبَ الْمُعْتَصِمُ مِنْ ذَلِكَ وَوَلَّى، فَنَادَى يَاطَسُ: هَذَا يَاطَسُ، هَذَا يَاطَسُ. فَرَجَعَ الْخَلِيفَةُ وَنَصَبَ السَّلَالِمَ عَلَى الْحِصْنِ، وَطَلَعَتِ الرُّسُلُ إِلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ، انْزِلْ عَلَى حُكْمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَتَمَنَّعَ، ثُمَّ نَزَلَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا، فَوَضَعَ السَّيْفَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>