للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِسْكِ وَبِيصَ الْعَنْبَرِ، وَأَنْفَقَ عَلَى الْمَأْمُونِ وَعَسْكَرِهِ مُدَّةَ مُقَامِهِ تِلْكَ الْأَيَّامَ خَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَلَمَّا تَرَحَّلَ الْمَأْمُونُ عَنْهُ أَطْلَقَ لَهُ عَشَرَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَقْطَعُهُ فَمَ الصِّلْحِ وَبَنَى بِهَا فِي سَنَةِ عَشْرٍ. فَلَمَّا جَلَسَ الْمَأْمُونُ فَرَشُوا لَهُ حَصِيرًا مَنْ ذَهَبٍ، وَنَثَرُوا عَلَى قَدَمَيْهِ أَلْفَ حَبَّةِ جَوْهَرٍ، وَهُنَاكَ تَوْرٌ مَنْ ذَهَبٍ فِيهِ شَمْعَةٌ مِنْ عَنْبَرٍ زِنَةُ أَرْبَعِينَ مَنًّا مِنْ عَنْبَرٍ، فَقَالَ: هَذَا سَرَفٌ. وَنَظَرَ إِلَى ذَلِكَ الْحَبِّ عَلَى الْحَصِيرِ فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ أَبَا نُوَاسٍ حَيْثُ يَقُولُ فِي صِفَةِ الْخَمْرِ:

كَأَنَّ صُغْرَى وَكُبْرَى مِنْ فَوَاقِعِهَا ... حَصْبَاءُ دُرٍّ عَلَى أَرْضٍ مِنَ الذَّهَبِ

ثُمَّ أَمَرَ بِالدُّرِّ فَجُمِعَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهَا وَقَالَ: هَذَا نِحْلَةٌ مِنِّي لَكَ، وَسَلِي حَاجَتَكِ. فَقَالَتْ لَهَا جَدَّتُهَا: سَلِي سَيِّدَكِ فَقَدِ اسْتَنْطَقَكِ. فَقَالَتْ: أَسْأَلُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَرْضَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ فَرَضِيَ عَنْهُ، ثُمَّ أَرَادَ الِاجْتِمَاعَ بِهَا فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَأْمُونُ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، وَتَأَخَّرَتْ هِيَ بَعْدَهُ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهَا ثَمَانُونَ سَنَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>