للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، أَبُو غَالِبٍ، كَانَ مِنْ أَهْلِ وَاسِطٍ وَكَانَ أَبُوهُ صَيْرَفِيًّا، فَتَنَقَّلَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ إِلَى أَنْ وَزَرَ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَاقْتَنَى أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَبَنَى دَارًا عَظِيمَةً تُعْرَفُ بِالْفَخْرِيَّةِ، وَكَانَتْ أَوَّلًا لِلْخَلِيفَةِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَةً وَنَفَقَاتٍ غَزِيرَةً، وَكَانَ كَرِيمًا جَوَّادًا بَذَّالًا، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ، كَسَا فِي يَوْمٍ أَلْفَ فَقِيرٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَرَّقَ الْحَلَاوَةَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ فِيهِ مَيْلٌ إِلَى التَّشَيُّعِ، وَقَدْ قَتَلَهُ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِالْأَهْوَازِ، وَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِ شَيْئًا كَثِيرًا ; مِنْ ذَلِكَ أَزْيَدُ مِنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، خَارِجًا عَنِ الْأَمْلَاكِ وَالْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ قُتِلَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ سَبَبَ هَلَاكِهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَهُ بَعْضُ غِلْمَانِهِ، فَاسْتَعْدَتِ امْرَأَةُ الرَّجُلِ عَلَيْهِ إِلَى الْوَزِيرِ، وَرَفَعَتْ إِلَيْهِ قِصَصًا، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: أَرَأَيْتَ الْقِصَصَ الَّتِي رَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، قَدْ رَفَعْتُهَا إِلَى اللَّهِ، وَأَنَا أَنْتَظِرُ التَّوْقِيعَ عَلَيْهَا. فَلَمَّا مُسِكَ الْوَزِيرُ، قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ خَرَجَ تَوْقِيعُ الْمَرْأَةِ. فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>