للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَاجْتَمَعَ فِي جِنَازَتِهِ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالشُّهُودِ، وَكَانَ يَوْمًا حَارًّا فَأَفْطَرَ بَعْضُ مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَتَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَتَرَكَ مِنَ الْبَنِينَ عُبَيْدَ اللَّهِ أَبَا الْقَاسِمِ وَأَبَا الْحُسَيْنِ وَأَبَا حَازِمٍ، وَرَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: رَحِمَنِي وَغَفَرَ لِي وَأَكْرَمَنِي وَرَفَعَ مَنْزِلَتِي وَجَعَلَ يَعُدُّ ذَلِكَ بِأِصْبَعِهِ. فَقَالَ: بِالْعِلْمِ؟ فَقَالَ: بَلْ بِالصِّدْقِ. رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

ابْنُ سِيدَهْ اللُّغَوِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُرْسِيُّ كَانَ إِمَامًا حَافِظًا لِلُّغَةِ، وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، أَخَذَ عِلْمَ الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ ضَرِيرًا أَيْضًا، ثُمَّ اشْتَغَلَ عَلَى أَبِي الْعَلَاءِ صَاعِدٍ الْبَغْدَادِيِّ وَلَهُ " الْمُحْكَمُ " فِي مُجَلَّدَاتٍ عَدِيدَةٍ، وَلَهُ " شَرْحُ الْحَمَاسَةِ " فِي سِتِّ مُجَلَّدَاتٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيِّ كِتَابَ الْغَرِيبِ لِأَبِي عُبَيْدٍ سَرْدًا مِنْ حِفْظِهِ، وَالشَّيْخُ يُقَابِلُ نُسْخَتَهُ بِمَا يَقْرَأُ فَسَمِعَ النَّاسُ بِقِرَاءَتِهِ مِنْ حِفْظِهِ وَتَعَجَّبُوا لِذَلِكَ.

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ سِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>