للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . ذكر جماعة من المفسرين أن مراد الله سبحانه في هذه الآية: {وأنزل من السماء ماء} أن المراد بـ {السماء} هنا هو السحاب سمي بذلك لعلوه وارتفاعه فوق الناس ومن هذا الباب أيضا قوله في سورة الحج: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} . الآية.. قال المفسرون معناه فليمدد بسبب إلى ما فوقه من سقف ونحوه فسماه سماء لعلوه بالنسبة إلى من تحته ومن هذا الباب قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} . الآية.. فقوله هنا في {السماء} أي في العلو وقال صاحب القاموس: "سما سموا ارتفع وبه أعلاه كأسماه"إلى أن قال: "والسماء معروفة وتذكر وسقف كل شيء"انتهى. والأدلة في هذا الباب في كلام الله وكلام رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وكلام المفسرين وأئمة اللغة على إطلاق لفظ السماء على الشيء المرتفع كثيرة إذا عرف هذا فيحتمل أن يكون معنى الآيات أن الله سبحانه جعل هذه الكواكب في مدار بين السماء الدنيا والأرض وسماه سماء لعلوه وليس فيما علمنا من الأدلة ما يمنع ذلك وقد ذكر الله سبحانه أن الشمس والقمر يجريان في فلك في آيتين من كتابه الكريم وهما قوله عز وجل في سورة الأنبياء: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} . وقوله سبحانه في سورة يس: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} . ولو كانا ملصقين بالسماء لم يوصفا بالسبح لأن السبح هو الجري في الماء