للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهي ليست ولاية ضعف أو تواكل، ليست ولاية ركون أو قعود، إنها ولاية عاملة تأخذ بالأسباب ولا تركن إلى الأماني، ولاية تماسك وتعاطف وتراحم وتفاعل في السراء والضراء كتفاعل الجسد الحي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء تداعيا يأخذ بالأسباب حتى يعود العضو المصاب معافى كما كان؛ لأن التفريط في الأخذ بالأسباب التي أمر الله بها معصية يعاقب الله عليها، وكل قعود متعمد عن متطلبات الإيمان يورث صاحبه ذلا ونفاقا ويودي به إلى الدمار والهلاك.

إن الإيمان حركة حياة لا تعرف اليأس ولا القعود، حركة مؤملة مبصرة واعية تثبت أمام عوارض الحياة وتقلبات الأيام، وهي تعتمد على الله وتركن إليه وتؤمن أن العمل هنا والجزاء هناك؛ {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} .

ذاك هو الأصل الثابت الذي لا يقوم لنا بنيان إلا عليه، ولا تتحقق ألفة إلا به؛ ذاك هو الأصل الذي واجهت به أمتنا جميع التحديات، تحمله النفوس فتعز، وتعتز بغيره فتذل.

أدرك الأعداء أمره فاستهدفوا حصنه، ووجهوا خططهم على سلب النفوس قبل سلب الأرض، وتحطيم القيم والأخلاق قبل تحطيم السلاح والعتاد، وإغراء الأخ بأخيه أن يقتله قبل أن يقتلهما معا؛ ورحم الله آباء لنا عرفوا حقيقة الإيمان فكانوا يبحثون عن سرّ الهزيمة الطارئة في نفوسهم قبل أن يتأملوها في سلاح عدوّهم، ورحم الله عمر بن الخطاب إذ يقول: (إن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وما لم ننتصر عليهم بفضل الله لن نغلبهم بقوتنا) .

منذ زمن بعيد استهدف أعداؤنا الحصن الحصين في نفوسنا، وعن طريق التعليم وتناقض وسائله ومناهجه تم لهم ما أرادوا واستطاعوا أن يوجدوا التباين بين أبناء الأمة الواحدة.