للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذ عليّ وعلى علي بن فضل العهود والمواثيق لولده، فلما كان أوان خروجنا، قال لنا ميمون: هذا هو الوقت الذي كنا ننتظره، فاخرجا في هذا الموسم ثم وجهنا بالحج وعهد إلينا، ثم خلا بي وأوصاني بالاستتار حتى أبلغ مرادي، وقال لي الله الله بصاحبك فاحفظه وأكرمه بجهدك، ومره بحسن السيرة في أمره فإنه شاب ولا آمن نبوته، وخلا بعلي بن فضل وقال: الله بصاحبك وقره واعرف له حقه ولا تخالفه فيما يراه لك إنه اعرف منك، وإنك إن خالفته لم ترشد.

قال المنصور فلما صرت في بعض الطريق لحقني كمد عظيم لحال الغربة وإذا بحاد يقول:

يا أيها الحادي المليح الزجر

نشر مطاياك بضوء الفجر

تدرك ما أملته من أمر

قال: فلما سمعت ذلك سررت به واستبشرت فوصلت مكة مع الحاج وذلك في أيام محمد بن يعفر الحوالي [٣] ، ثم أقبلنا نسأل عن أخبار اليمن، فقيل لنا: إن الأمير محمد بن يعفر رد المظالم واعتزل عن الناس ورجع إلى التنسك والعبادة، فقلنا: ولم فعل ذلك؟

فقيل لنا: إنه قيل له أن في هذه السنة يخرج عليه خارجي فيكون زوال أمره على يديه، ويقال إنه رد في يوم واحد ألف دينار، وكان في بني حوال رجل يقال له إبراهيم فقال:

يا ذا حوال يا مصابيح الأفق

تداركوا عزكم لا ينفتق

فتطلبون رتق مالا يرتتق

فأيكم قام بها فقد سبق

فقام ولد محمد بن جعفر.

قال محمد بن مالك الحمادي رحمه الله:

فلما خرج علي بن فضل مع الحاج هو والمنصور وصارا في (غلافقة) [٤] ، افترقا وقال كل واحد منهما لصاحبه: أعلمني بأمرك وما يكون منك فوصل المنصور إلى (الجند) [٥] ، وصاحب الأمر علي بن فضل إلى ناحية (جيشان) .