للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقبل الدخول في تقويم هذه المزاعم أراني مضطرا للاعتذار عن تعرضي لمناقشتها، لأن مضمونها لا يرتفع إلى مستوى العلم الذي يستوجب النقاش، ومرد ذلك كونها مجموعة من ادّعاءات لا يفوت تهافتُها نظر لبيب، ولولا خشية المسئولية أمام الله عن السكوت على المنكر لما حركت قلما في تفنيدها والله..

ثم هناك سبب آخر يشدني بقوة إلى هذا التعقيب، ذلك أن ادعاءات هذا الكاتب ليست وقفا عليه، ولكنها شنشنة يرددها تلاميذ المدرسة (العرزقية) المنبثين في أرجاء العالم الإسلامي، وكأنهم ينطلقون عن مخطط مدروس غايته الخلفية تشكيك أشباه العامة في صلاحية الإسلام للحكم، كي يكونوا مستعدين لقبول كل دعوة ينعق بها المنحرفون، ومن هنا كان تعقيبي هذا بمثابة الرد العام على مزاعم هذه المدرسة جميعا.

فلننظر الآن في مستندات الأستاذ أحمد بهاء الدين التي يعتبرها حججا لا تقبل الرد، وأهمها هو ذلك الخلاف القديم الذي نشب بين الصحابة حول تفسير القرآن- بزعمه-

والحق أنه لزعم فيه الكثير من الطرافة، ولا مردود له سوى التوكيد على جهل مطبق في تاريخ ذلك الخلاف، إذ المتفق عليه بين أهل العلم أن أول خلاف حدث بين الصحابة كان حول قضية الخلافة، ومن أحق بها من الأنصار والمهاجرين، وقد حل الخلاف برد الأمر إلى نظام الشورى، الذي قرره القرآن الكريم، وأوضحه التطبيق النبوي، فما إن طرح الموضوع على الحوار حتى انتهى الجميع إلى الرضى بحكم الله ورسوله، وتمت البيعة للخليفة الأول دون أي خلاف. فأين ما زعمه هذا الكاتب من قصر الخلاف على تباين الآراء حول تفسير القرآن!.