للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وردت هذه الصيغة في إحدى عشرة آية من آيات القرآن الكريم، وقد جئت أنا –همزة الاستفهام- في هذه الصيغة على معنى التقرير والتوبيخ في تسع من هذه الآيات الإحدى عشرة المتقدمة، وعلى معنى التقرير وحده في آيتين اثنين، وسوف ترين-أيتها الأخت العزيزة هل- هذا واضحا مفصلا فيما يلي:

الآية الأولى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} الآية (٩٧) من سورة النساء.

صيغة الاستفهام في هذه الآية: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} قالها الملائكة الذين توفوا ناسا من المسلمين ظلموا أنفسهم بأن تركوا الهجرة وأقاموا بين ظهراني المشركين بمكة على حال لا تمكنهم من إقامة الدين.

والهمزة هنا تفيد التقرير أي كانت أرض الله واسعة وكانت الهجرة فيها مستطاعة، وتفيد أيضا التوبيخ توبيخ هؤلاء الناس أن آثروا التمتع بالإقامة في بيوتهم وبين أقوامهم غير قادرين على إقامة شعائر الدين، آثروا ذلك على الهجرة إلى أرض أخرى يستطيعون فيها إقامة الدين والوفاء بحقه كما فعل الذين هاجروا إلى الحبشة ثم لحقوا بالمؤمنين في المدينة.

وجاءت هذه الجملة الاستفهامية أيضا ردّا على اعتذار هؤلاء الناس بأنهم كانوا مستضعفين في مكة، فقد كان اعتذار كاذبا غير صحيح، بدليل قوله تعالى عن هؤلاء بعد ذلك في ختام هذه الآية: {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} .