للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويختم هذا العرض لهذه الآيات ببيان علمه الشامل لما تكنه الصدور أو تظهره إذ لا فرق عنده سبحانه بين ماتوسوس به النفس، وبين ما تظهره فهو يعلم السر وأخفى {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} .

ويعقب ذلك ببيان حال الآلهة من دونه، وأنهم عاجزون لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون فكيف يسوغ دعاؤهم، ومنهم أموات لا يشعرون بالوقت الذي فيه يبعثون.

{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (النحل: الآية ٢٠-٢١)

أما الإله الحق فهو واحد، لا تعدد فيه لأن الآلهة يحصل به الفساد في الكون ولا ينكر الوحدانية إلا المتكبرون الكافرون باليوم الآخر.

{إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} (النحل: الآية ٢٢)

فمن أسباب الإعراض عن الحق الكبر, والكبر غمط الحق، وقد بين تعالى في آيات كثيرة أن جزاء المتكبرين النار.

وبعد هذا العرض الموجز لهذه النماذج التي سلكها القران الكريم لاثبات الوحدانية في الألوهية، تبين أن المشركين لم يدعوا لمعبوداتهم أنها تخلق أو ترزق أو تحي أو تميت، وإنما ذلك كله لله.

وكل الذين يطلبونه منها هو التوسط لهم عند الله، فهم يدعونها ويتقربون إليها بالنذور والقرابين لتقربهم إلى الله زلفى. { ... مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر: الآية ٣)

فما عبادتهم تلك؟ أوضحت الايات السابقة أن من عبادتهم لها:

١- دعاؤها

٢- حبها والخوف منها - الاستشفاع بها.

٣- والعبادة في الإسلام ليست محصورة في الصلاة والصوم وأركان الإسلام مثلاً؟ لأن الله يقول {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: الآية ٥٦) .