للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستفهام الثاني: (ألم نستحوذ عليكم) في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} الآية (١٤١) من سورة النساء.

في هذه الآية الكريمة يقول المنافقون الذين كانوا يتربصون بالمؤمنين الخير أو الشر، وينتظرون بهم ما يتجدد من ظفر لهم أو ظفر بهم، يقولون للمؤمنين - إن كان للمؤمنين فتح من الله أي نصر على الكافرين وتأييد وظفر وغنيمة -: ألم نكن معكم؛ يتوددون إليهم بهذا القول.

فهذا الاستفهام: (ألم نكن معكم) يفيد التقرير والتودد على معنى كنا معكم مساندين مظاهرين، فنصركم الله على أعدائكم، وأفاء الله عليكم فيئا من المغانم، لقد أسدينا إليكم معروفا فأسهموا لنا في الغنيمة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!.

وإن كان للكافرين نصيب من الغلبة على المؤمنين والإصابة منهم قال أولئك المنافقون أنفسهم لهؤلاء الكافرين متظاهرين لهم بالمحبة والود {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} ، وهذا استفهام تقرير وتودد أيضا، أي غلبنا عليكم وكان في مكنتنا أن نقتل منكم ونأسر، ولكننا أبقينا عليكم ومنعناكم من المؤمنين بتخذيلنا إياهم وتثبيطنا لهم، فانصرفوا دون أن يقدروا على إيذائكم، فأسهموا لنا فيما غنمتم مقابل ما أسدينا إليكم من معروف وإحسان، فنحن نواليكم فلا نؤذيكم ولا نترك أحداً يؤذيكم.