للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهناك معدّية رأيتها تستعمل بين سبتة والجزيرة الخضراء، وهي أيضاً عظيمة، ولكنها دون تلك، وليس مقصودي أن أصف هذه الرحلة، لأن وصفها يحتاج إلى مؤَلَّف مستقل، وإنما ذكرت ما تقدم استطراداً.

من وحي الأندلس قصيدة من بحر جديد

لما مررنا بأرض الأندلس في رحلتنا إلى شمال أوروبا تذكرت أهل الأندلس المسلمين، وما كان لهم من المجد والسؤدد، فقلت هذه القصيدة، وهي من بحر جديد اخترعته. وأجزاؤه أربعة: مستفعلاتكم مستفعلين مرتين. له عروض واحدة صحيحة، لها ضربان، أولهما مذيل، والثاني عار عن التذييل.

وكل هذه التفاعيل بفتح العين ومعناها: مستخرجاتكم مستخرج أيها المسلمين، فالزموا مستخرجاتكم ولا تهملوها.

وقد أحدث العرب المولدون أوزاناً شعرية زائدة على بحور الشعر بعد زمان العرب الأقحاح، ونظموا عليها شعراً كثيراً، ثم جاء زمان الموشحات والأزجال، فاشتغل بها العرب في الشرق والغرب، واشتملت على أدب جم. ونظم بهاء الدين زهير شعراً أخترع له وزناً خاصاً، وهو قوله:

يا من لعبت به شمول

ما ألطف هذه الشمائل

فلا غرابة إذا اقتديت به، وألقيت دلوي في الدلاء. وهذا نص القصيدة:

لما بدا لنا جمالكم

أضحت قلوبنا أسرى الغرام

وانبعثت بها مودة

تنمو وتزدهي على الدوام

قد طال هجركم وصدكم

وما رثيتم للمستهام

ولم نزل نفي بعهدكم

وما رعيتم لنا ذمام

فهل سمعتم بقاتل

لمن يحبه هذا حرام

هبوا أسيركم لو نظرة

صلوا عميدكم لو بالكلام

أما ترونني متيماً

لم تدر مقلتي أي منام

محبتي لكم عفيفة

غدت بريئة من كل ذام

وعاذل أتى يلومني

كلامه غدا مثل الكِلام

فقلت: يا فتى ويك اتئد

فأنت طالب مالا يرام

عذلك زادني صبابة

فكف أو فزد من الخصام