للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الخلفاء الفاطميون قد ضعف شأنهم في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري وانتقلت السلطة من أيديهم إلى أيدي وزرائهم وكان يتربع على كرسي الوزارة في الوقت الذي غزا فيه الصليبيون بلاد الشام الوزير القدير الأفضل بن بدر الجمالي وكانت الدولة في عهده تبسط يدها على كثير من مدن الشام الساحلية مثل صور وعكا وعسقلان ويافا وغزة وغيرها، كما كانت تحتفظ بقوة برية وبحرية كبيرة ولكن هذا الوزير لم يتناس العداوة القديمة بين السلاجقة السنيين وبين الفاطميين الشيعة وظن أن فرسان الصليبيين يمكن أن يناصروه على أعدائه السلاجقة ولم يدرك أنهم أعداء الطرفين إلا عندما استولوا على بيت المقدس واشتبكوا معه في معركة طاحنة على مقربة من مدينة عسقلان بعد أن سقطت بيت المقدس في أيديهم بأيام وهزموه هزيمة منكرة [٦] .

ولقد تحمس الأفضل لجهاد الصليبيين وأرسل إلى ميادين القتال أبرع قواده ولم يبخل حتى بأولاده غير أنه لم يحرز نصراً ذا قيمة عليهم وسقط في أيديهم ما كان في حوزة الفاطميين من مدن الشام مدينة تلو الأخرى حتى طمعوا في غزو مصر نفسها.

وهكذا تقع مسئولية ما حل بأهل البلاد التي اغتصبها الصليبيون من كوارث وما نزل بأهل البلاد التي هاجموها من مصائب على عاتق الخلفاء العباسيين الذين عاصروا تلك الحوادث وسلاطين السلاجقة الذين كانوا يديرون شئون دولتهم وعلى خلفاء الدولة الفاطمية الذين كانوا يجلسون على كرسي الخلافة في مصر في هذه الفترة والوزراء الذين حكموا باسمهم.

عصر المقاومة

بعد مضي ربع قرن على تأسيس مملكة الصليبيين في الشرق ظهر زعيم إسلامي قوي هو عماد الدين زنكي أمير الموصل الذي استولى على إمارة حلب وحمل لواء الجهاد ضد الصليبين وتمكن من انتزاع إمارة الرها من أيديهم [٧] .