للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً: كان ملك الحبشة أصحمة النجاشي عالماً بالتوراة والإنجيل، ومعروفاً بحب العدل وتحري الحق، ولم يكن يخشى لديه ظلم أحد- كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يظلم عنده أحد". وقد كان أهل مكة يعرفونه لصلاتهم التجارية بالحبشة.

ثالثاً: أنهم كانوا على شيء من دين المسيح عليه السلام، وهم أقرب مودة وأقل عداوة من اليهود والمشركين وغيرهم، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الود فقال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ، وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [١٩] .

رابعاً: لجوء المسلمين المهاجرين إلى أرض آمنة، يجدون فيها الراحة والحماية- الأمر الذي يشجع أهل مكة الخائفين من اعتناق الدين الإسلامي أن يعتنقوه ويلحقوا بهؤلاء المهاجرين.

وبعد هذه الدراسة يبدو- في الحقيقة- أن هجرة المسلمين إلى الحبشة لم تكن لغرض دنيوي ولا اقتصادي ولا عسكري، ولم تكن لجوءً سياسياً بحتاً، بل أنها كانت بمثابة أسلوب من أساليب الدعوة التي اتخذها الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث كانت لها فوائد جمة وكانت نقلة كبرى، وانقلاباً خطيراً في محيط المجتمع الذي يعيش فيه المسلمون في مكة المكرمة.

هكذا كان حكام المسلمين