للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان مفتاحُ الدعوة معرفةَ الربِّ تعالى، قال أفضلُ الداعين إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل، وقد أرسله إلى اليمن: "إنك تأتى قوماً من أهل الكتاب، فليكنْ أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ... الحديث".

وهو في الصحيحين- واللفظ لمسلم [١] ٠

ثم قال الإمام ابن القيم- رحمه الله-: "والمقصود أن الله تعالى أكمل للرسول ولأمته به دينهم، وأتم عليهم به نعمته. ومحال مع هذا أن يَدَعَ ما خُلِقَ له الخلقُ، وأُرسلت به الرسلُ، وأُنزِلت به الكتبُ، ونُصِبَتْ عليه القِبْلةُ، وأسِّسَتْ عليه المِلَّةُ، وهو باب الإيمان بالله، ومعرفته ومعرفة أسمائه، وصفاته، وأفعاله ملتبساً مشتبِهاً حقُّهُ بباطله، لم يتكلم فيه بما هو الحق بل تكلم بما هو الباطل، وأن الحق في إخراجه عن ظاهره. فكيف يكون أفضل الرسلِ وأجلُّ الكتب غيرَ وافٍ بتعريف ذلك على أتم الوجوه؟ مبين له بأكمل البيان؟ موضح له غاية الإيضاح؟ مع شِدَّة حاجة النفوس إلى معرفته، وهو أفضل ما اكتسبته النفوس، وأجلُّ ما حصلته القلوب؟ [٢] ".

بعد هذا التقديم، أعود إلى إتمام ما بدأته من الكلام على أسماء الله الحسنى، سائلا الله عز وجل أن يلهمني الرشاد. فأقول:

المؤمن:

هو اسم من أسماء الله عز وجل. وهو من (آمن) عباده من أن يظلمهم. وأصل (آمَنَ) : (أأمَنَ) بهمزتين لُيِّنت الثانية [٣] .

وقيل: المؤمن: هو الذي يَصْدُق عبادَه وعْدَه: فهو من الإيمان: التصديق، أو يؤمنهم في القيامة من عذابه، فهو من الأمان، والأمْن ضد الخوف [٤] ٠

. وقد ورد اسم (المؤمن) جل وعلا في القرآن الكريم مرة واحدة فقط [٥] . في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ ... } [الحشر آية ٢٣]