للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإني لآمل أن أكون بهذا العمل المحدود وجهد الطاقة حسب ما أجتزؤه من الوقت وأزاحم به من الأعمال قد أسهمت ولو بأيسر اليسير بين الثلاثين موضوعا ومن بين العديدين من أفاضل الكتاب الذين تمكنهم ظروفهم من الاستيفاء والاستقصاء وبالله التوفيق ...

المرتكز الأول: تكوين الإنسان وسنن الحياة:

قام تكوين الإنسان على أن يكون تعاونيا متضامنا مع غيره لا انعزاليا منفردا بنفسه. ولعل معنى إنسان من الإيناس.

ففي تاريخ هذا الإنسان لم يستطع الإنسان الأول وهو أبو البشر آدم عليه السلام أن يعيش وحده ولو كان في جَنة الفردوس. فخلقَ الله له من نفسه زوجة يسكن إليها {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} . (الأعراف: ١٨٩) .

قال ابن كثير في تفسيره (ج١ ص٧٩) ويقال إن خلق حواء كان بعد دخوله الجنة كما قال السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة: أخرج إبليس من الجنة وأسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وحيشا ليس له زوج يسكن إليه فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها من أنت؟.

قالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟. قالت: لتسكن لي ...

وذلك ما يشعر بأن تكوين الإنسان أساسا تكوينا جماعيا تعاونيا.

ثم بعد هبوطه إلى الأرض كانت حاجته أشد إلى من يعاونه فيها فبدأ بالإنجاب وتزاوج الأولاد وإيجاد الأجيال والحفاظ على بقاء النوع. ومن ثم تقاسم أعباء الحياة.

ثم كانت الجماعة البشرية أمام العوامل الكونية التي اضطرتها اضطرارا على التضامن والتعاون والاتحاد لتواجه مجتمعة تلك العوامل التي لا يستطيع الفرد أن يواجهها كحماية أنفسهم من المخلوقات المتوحشة وكتذليل الصعاب في الأرض لاستنبات نباتها، واستحصاد زرعها، واستخراج كنوزها، وتصنيع موادها مما يحتاجونه في حياتهم على هذه الأرض.