للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤- محاولة استمالة الرسول صلى الله عليه وسلم وإقناعه بالعدول عن الدعوة: فقد عرض عليه زعماء قريش الملك والمال والنساء، أرسلوا إليه عتبة بن ربيعة سيد قومه، فذهب إليه وهو يصلي في المسجد فقال له: "يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت، من خيارنا حسباً ونسباً، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها: إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد شرفاً سوّدناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا من الجن لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطبيب, وبذلنا فيه أحوالنا حتى نبرئك منه ", فقال صلى الله عليه وسلم: "أفرغت يا أبا الوليد؟ " قال: "نعم"قال: فاسمع مني: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} . (سورة فصلت:١ - ٣٨) حتى انتهى إلى آية السجدة فسجد، ثم قال: "قد سمعت يا أبا الوليد", فقام عتبة إلى أن جلس لقومه وقال: "إني سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة ... يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها لي، وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فوالله ليكوننّ لقوله الذي سمعت منه نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزّه عزكم، وكنتم أسعد الناس به". فقالوا: "قد سحرك يا أبا الوليد بلسانه", قال: "هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم". فقال النضر بن الحارث: "بماذا جاءنا محمد؟ " واللات ما محمد بأحسن حديثا مني" [٦] .