للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنّ صدق التعبير لا يعني الرضا بالواقع المرير، وتكريس ما هو كائن، والسير في ركاب الانحراف بحجة العصرية والحرية؟؟ إنّ تجسيد تلك المأساة على أسس ومقاييس إلهية موضوعية هو الصدق، وإن شفاء الأرواح والقلوب والعقول هدف أسمى، وبداية صحيحة، وإن إزالة الأنقاض والخرائب، تمهيداً لبناء صحي شامخ هو الحل، ولما يوظف الأدب الإسلامي الصحيح في تأديب العنصرية والطبقية والإباحية، لكنه دائماً وأبدا مشعل حق، ومبعث هداية وعامل بناء وسعادة ورفاهية وطاعة، وتآلف وتراحم.

إنّ الأوضاع الراهنة قد توحي بالحسرة بل واليأس أحياناً، فالفساد قد تسلح بمختلف الأسلحة الحديثة من فكر وإعلام وفيالق مدربة وقوى خفية تعمل من وراء ستار، وأنوار النيون البراقة قد غطّت على سمات الفضيلة, والحب والمغريات قد غزت عقول الناس وأرواحهم، فتحوّلت الأشواق العلوية إلى مطالب مادية، وملذات جسديه، واحتفت الآداب العالمية بالغرائز وعنفها واشتعالها، وركزّت على إشباع الرغبات الرخيصة، وأنماط الحياة المترهلة الكسلى، والمتع الزائلة، وأصبح ذلك كله هدفاً في حد ذاته. وهذا ليس بجديد على تاريخ البشرية، فالناظر في صفحات الماضي، سوف يجد مثيلاً أو شبيهاً له فيما مضى من حضارات ومدنيات وأحداث، ولا يصح أن نخدع باختلاف العصر والأسماء والأزياء ووسائل الحرب والحياة الجديدة.

لكن يبقى أن يكون الأدب الإسلامي كما نقول دائماً، على وعي كامل بنشوء تلك الظواهر الشاذة، وأسباب تلك الأَمراض الاجتماعية وأعراضها، وأن يكون لديه حصيلة كافية من الممارسات والتجارب ومختلف الثقافات، حتى يلعب دوره الاجتماعي -أعني الديني- عن وعي وبصيرة، وأن يكون نداً لحملة الأقلام في أي موقع، محلياً كان أم عالمياً، ولسوف يجد الأديب الإسلامي حافزاً قوياً، يحرّك مشاعره، ويجلي موهبته، وينشط