للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث الشرك الخفي وهذا قد يكون أكبر وقد يكون أصغر، حسب الباعث عليه والاسترسال معه، ومن أنواع الشرك أن يتوجه الإنسان بالدعاء إلى الله تارة وإلى غيره أخرى سواء قصد ذلك على سبيل الوساطة، أو طلب منه أي من غير الله- غرضه، بالنداء والاستغاثة واللجاء إليه والتمسكن له، فمن فعل ذلك فقد جعل لله عديلا، ومساويا، سواء سمى ذلك توسلا أو شفاعة، وسواء كان المتوسل به نبيا، أو وليا، أو عدوا طريدا، فكل ذلك شرك ينافى التوحيد، ومن الأعمال القبيحة سؤال الله بجاه مخلوق، أو بحقه وعمله لأن من سأل الله بذلك فقد اعتقد أنه يؤثر على الله، كالشفاعة على الرؤساء، ولهذا لا يتوسلون ويسألون الله إلا بجاه من يعتقدون له الجاه العريض، والمكانة الحاملة لله على أن يعطيهم حاجتهم بزعمهم والجاه والمنزلة أصبحت في عرف الناس ولغتهم هي النفوذ والقوة المؤثرة، على من يتوجه إليه لتحصيل خيره، أو دفع شره، فعلى هذا ما يسميه توسلا وزوراً معيدوا الوثنية، من منتحلي الإسلام، وهو على لغة القرآن والعرب، العبادة بعينها، فإذاًَ التوسل الذي يعنونه هو الشرك

الأعظم وهو يشمل عندهم.

أولاً: الطواف عند قبور من يقدسونهم، وتقبيلها وأخذ ترابها للاستشفاء به والتبرك بها، وذبح الذبائح لهم، لأنهم يرجون بذلك أن يعطوهم، أضعاف ما قدموا لهم.

الثاني: ما ينفقونه في هذا السبيل، من الحرث والأنعام، طمعا أن يبارك لهم بدعواتهم، وأسرارهم ونفحاتهم الإلهية في أموالهم وأنفسهم وذرياتهم.

الثالث: عمارتهم قبورهم، بالبناء العالي، والقباب المزخرفة، والستائر الفاخرة، والإِضاءة عليها وبذل المال في هذا السبيل، وتحمل مشقات السفر إليها.

الرابع: الحلف بهم، والخوف منهم، والتخويف بهم، وتحذير بعضهم بعضا من عقابهم، لاعتقادهم أنهم يقدرون على ذلك، كما يعتقدون فيهم النفع لمن يحبهم، ويفي لهم بالنذور، ويزور أوثانهم.