للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم بعضه حراما وبعضه حلالا، ومتعلق الاستخبار ومناطه الجملة الاستفهامية: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُون} .

أما إعراب {أَرَأَيْتُمْ} فهي علمية تنصب مفعولين: الأول اسم الموصول (ما) والجملة بعد (ما) صلتها، والعائد محذوف، والتقدير: ما أنزله، والمفعول الثاني الجملة الاستفهامية: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُون} ، والرابط الذي ربط جملة المفعول الثاني بالأول محذوف، والتقدير: آلله أذن لكم فيه.

وجوّز الزمخشري في تفسيره الكشاف، جوّز في (ما) الموصولة هذه وجها ثانيا وهو أن تكون استفهامية منصوبة المحل على أنها مفعول مقدم لأنزل، وهي حينئذ معلّقة لأرأيتم، والجملة في محل نصب سدّت مسدّ مفعولها.

وقال أبو حيان في تفسيره البحر المحيط "والوجه الأول وهو أن تكونا (ما) موصولة أولى، لأن فيه إبقاء {أَرَأَيْتَ} على بابها من كونها تتعدى إلى الأول فتؤثر فيه، بخلاف جعلها استفهامية، فإن أرأيت إذ ذاك تكون معلّقة، وتكون (ما) قد سدّت مسدّ المفعولين"اهـ.

و {قُلْ} الثانية توكيد لفظي للأولى، و (أم) الظاهر فيها أنها متصلة عطفت ما بعدها على ما قبلها، والتقدير: آلله أذن لكم فيه أم لم يأذن.

وجوّز الزمخشري أن تكون منقطعة بمعنى بل أتفترون على الله، أي أنتم تفترون على الله.

وجملة {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً} معطوفة على جملة {أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْق} و {حَلالاً} مفعول ثان لجعلتم، والمفعول الأول هو {مِنْهُ} باعتبار معناه أي بعضه، والتقدير: فجعلتم بعضه حراما وجعلتم بعضه حلالا.

وقد جاء استفهام {أَرَأَيْتُمْ} هنا مفيدا تقريع المشركين وتوبيخهم على تحريمهم بعض ما رزقهم الله، وتحليلهم بعضا آخر، يفعلون ذلك من عند أنفسهم، ثم ينسبون إلى الله كذبا وافتراء.