للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويبدو أن الإمام السيوطي (المتوفى سنة ٩١١ هـ) لم يطَّلع على النصّ السابق من البحر المحيط، أو على هذه الترجمة لصاحب البسيط، وقد صرّح بذلك في بغية الوعاة إذ قال [٢٠] : صاحب البسيط ضياء الدين بن العلج، أكثر أبو حيان وأتباعه من النقل عنه، ولم أقف له على ترجمة.

وأشار إليه السيوطي أيضاً في الأشباه والنظائر بقوله [٢١] : وممنّ ذهب إلى الترادف ضياء الدين بن العلج، صاحب البسيط في النحو، وهو كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات.

موطن صاحب البسيط وعصره:

عرفنا أن صاحب البسيط هو محمد بن عليّ الإشبيلي، المعروف بابن العلْج. ويفهم من ذلك أن موطنه الأصلى مدينة إشبيلية في الأندلس، وأنه ولد ونشأ بها، وتلقى فيها العلم على علماء عصره..

وقد وصف ياقوت مدينة إشبيلية بأنها مدينة كبيرة عظيمة، تقع غربي قرطبة، بينهما ثلاثون فرسخاً، يطلّ عليها جبل الشرف، وهو جبل كثير الشجر والزيتون وسائر الفواكه.. وهي على شاطىء نهر عظيم، قريب في العظم من دجلة أو النيل، تسير فيه المراكب المثقلة، يقال له وادي الكبير، وينسب إليها خلق كثير من أهل العلم [٢٢] .

وقد سقطت مدينة إشبيلية بيد النصارى عام ٦٤٦ هـ بعد أعمال حربية لعدة سنوات، وحصار طويل، استمر نحو سنة ونصف، فاضطرت المدينة إلى التسليم بالشروط ورحيل المسلمين عنها، فغادرها من أهلها ما يقدّر بأربعمائة ألف، قصدوا مدن الأندلس الأخرى والمغرب.. [٢٣] .