للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثقافة ... ودين

نقلا عن مجلة دعوة الحق

نشرت مجلة دعوة الحق في عددها الأول من السنة الرابعة عشرة افتتاحية تحت عنوان: (ثقافة.. ودين) جاء فيها:

سئل أحد الرجال الذين هداهم الله أخيراً إلى اعتناق دين الإسلام بعد بحث واستقراء لما عرف في هذا الكون من ديانات وثقافات.. عن السبب الذي حدا به إلى الإقدام على هذا العمل، فأجاب على الفور:

إنني كنت أبحث عن عقيدة ذات ثقافة.. وفي الوقت نفسه كنت أبحث عن ثقافة ذات عقيدة.. فكانت رحلتي شاقة.. وأتعابي مضنية.. فكم وجدت من ثقافات لا تربطها بالعقائد رابطة.. ولا تجمعها بها جامعة.. وكم وجدت من عقائد لا تصلها بالثقافات صلة تذكر.. فهي في واد.. وثقافة أهلها في واد آخر.

وقد علمتنا التجربة التاريخية أن كل حضارة لم تعمق جذورها في ثقافة ذات عقيدة.. وعقيدة ذات ثقافة.. فإنها تكون في مهب الرياح..

ولا يعنينا هنا أن يكون هذا الجواب معبراً صادقاً عن واقع هذا الرجل.. ولا يعنينا أيضاً أن يكون هذا الجواب صحيحاً أو غير صحيح.. وإنما يعنينا أولا وقبل كل شيء أن نعرف أصل الفكرة التي يشير إليها ومقدار عمقها أو سطحيتها...

فالباحث الدارس الذي يستهدف في بحثه النزيه الصلة الوثقى بين الإسلام وثقافة معتنقيه.. يجد أن الإسلام من حيث هو يتلخص في شيئين اثنين:

دين.. وثقافة.. وكل منهما يعمق في الآخر معاني الخير والطمأنينة من جهة.. ومعاني البحث والفهم والمعرفة من جهة أخرى.. وبذلك تمتد خيوط الصلة بين الدين والمجتمع.. وتقاس أعمال الخير والصلاح والفساد والنفع والضر.. بمقياس دقيقة تجعل الناس على بينة من أمرهم في كل عمل يربطهم بالآخرين.. كما تجعل الإنسان يسمو في مطامحه الشخصية والاجتماعية عن الأنانية والوصولية والغش والخداع.. لأن عليه رقابة من ضمير شريف..