للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: ألا يتقدّم اسم التقريب على اسم الإشارة فلا يصح أن يقال: الشمس هذه طالعةً بنصب طالعة على التقريب قال ثعلب: "والتقريب مثل كان إلا أنه لا يقدّم في كان لأنه ردّ كلام فلا يكون قبله شيء" [١٥] ، إلا إذا كان اسم التقريب ضميراً فيقدم على اسم الإشارة قال الفراء: "العرب إذا جاءت إلى اسم مكني قد وصف بهذا وهذان وهؤلاء فرَّقوا بين (ها) وبين (ذا) وجعلوا المكني بينهما، وذلك من جهة التقريب لا في غيرها ... فإذا كان الكلام على غير تقريب أو مع اسم ظاهر جعلوا (ها) موصولة بـ (ذا) فيقولون: هذا هو، وهذان هما إذا كان على خبر يكتفي كلُّ واحد بصاحبه بلا فعل، والتقريب لا بدَّ فيه من فعل لنقصانه، وأحبُّوا أن يفرِّقوا بذلك بين معنى التقريب وبين معنى الاسم الصحيح" [١٦] .

وقال ثعلب أيضاً: "وإذا صاروا إلى المكني جعلوه بين (ها) و (ذا) فقالوا: ها أنا ذا قائماً وجاء في القرآن بإعادتها [١٧] ، ويقولون هانحن ألاء وها نحن هؤلاء أعادوها وحذفوها، وهذا كله مع التقريب" [١٨] .

ولعل الذي حملهم على القول بعدم تقدم اسم التقريب على اسم الإشارة إذا كان اسماً ظاهراً هو أن إعمال اسم الإشارة محمول على كان وكان لا يصح أن يتقدّم اسمها عليها، فكذلك ما حمل عليها، أما جواز تقدم اسم التقريب إذا كان ضميراً على اسم الإشارة فبسبب توسطه بين حرف التنبيه واسم الإشارة مما يجعله تقدم في اللفظ لا في المحل؛ لأن الضمير فَصَلَ بين حرف التنبيه واسم الإشارة، وهما في حكم المتلازمين فهو وإن تقدم لفظاً إلا أنه مؤخر محلاَّ؛ لأنه فَصل بين متلازمين [١٩] .

وللبصريين الذين يجيزون أن يكون العامل في الحال في قولك ها أنا ذا قائماً إنما هو فعل محذوف وهو أُنَبِّهُ دل عليه حرف التنبيه (ها) أن يقولوا اسم التقريب في هذا المثال لم يتقدّم على عامله.