للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الأمير شكيب أرسلان المتوفي سنة ١٩٤٦م: "وحقيقة الحال هي أن تلك الفوضى لم تنشأ إلا عن إهمال العمل بقواعد الشرع الإسلامي، وعن إرخاء العنان لبعض الأمراء الذين كانوا يلون أمر الحجاز مدلين على الناس بما لهم من النسب النبوي الشريف الذي كان يحول بين سلاطين الإسلام وتشديد الوطأة عليهم، أو إرهاف الحد فيهم وقد كان هذا من خطل الرأي ومن التقصير في جانب الشرع فإن الشريعة الإسلامية لا تعرف نسباً ولا حسباً {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [١٦] .

وإنَّ الله تعالى قد جعل التقوى فوق كل المناقب والمحاسن وقرر أن من قصر به عمله لم ينهض به نسبه..

ولهذا كان سلاطين الإسلام من وقت لآخر ينذرون من أمراء الحرمين من كانوا يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، ولقد ذهب مثلاً ذلك الكتاب الذي كتبه أحد سلاطين مصر من المماليك إلى أحد أمراء مكة المكرمة وهو الذي يقول فيه: اعلم أن الحسنة في نفسها حسنة وهي من بيت النبوة أحسن والسيئة في نفسها سيئة وهي من بيت النبوة أسوأ وقد بلغنا أنك بدلت حرم الأمن الخيفة وأتيت ما يحمر له الوجه وتسود الصحيفة فإن وقفت عند حدك وإلا أغمدنا فيك سيف جدك..

ثم قال أرسلان: إلا أنه قد بقيت مع الأسف أحوال الحجاز غير مستوية وأعراب البادية يسطون على الحجاج وليس لداء معرّتهم علاج وكانت كل من الدولة العثمانية والدولة المصرية ترسل طوابير من الجند النِّظامي مصحوبة بالمدافع وسائر آلات القتال.

لأجل خفارة قوافل الحج، وتؤدي إلى زعماء القبائل الرواتب الوافرة وكل هذا لم يكن يمنع الأعراب، ومن لا يخاف الله... من تخطُّف الحجاج في كل فرصة تلوح لهم.